عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ للشاعرأبو الطيب المتنبي



 عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ أبو الطيب المتنبي







قصيدة عيد بأية حال














أبو الطيب المتنبي الشاعر الذي لم يجد الدهر بمثله في زيارة مصر ويبدو أن الرحلة لم تكن موفقة ولم يحصل من كافور الأخشيدي علي مايريد وقد حل العيد وهو بأرض مصر مهموم مهزوم فزفر زفرة ساخنة تعبر عما به من غيظ وكمد من فرط الخيبة وضياع الهيبة بأرض مصر .



عــيدٌ بأيّةِ حـــــــــالٍ عُـــــدتَ يا عيد


بمَا مَضَـــــى أمْ بأمْــــــرٍ فيكَ تجْديدُ ُ


أمّـــا الأحِـــــــــــــبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ


فَـــــــــــــــلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ


لَوْلا العُلى لم تجُبْ بي ما أجوبُ بهَا


وَجْــنَاءُ حَــــــــرْفٌ وَلا جَرْداءُ قَيْدودُ


وَكَـــــانَ أطيَبَ مِنْ سَــــيفي مُعانَقَة


أشْــــــبَاهُ رَوْنَقِهِ الغِــــــيدُ الأمَــــاليدُ


لم يَترُكِ الـــدّهْرُ مِنْ قَلبي وَلا كبدي


شَـــيْئاً تُتَيّمُـــــهُ عَـــــينٌ وَلا جِــــيدُ


يا سَــــاقِيَيَّ أخَــــمْرٌ في كُؤوسكُما


أمْ في كُؤوسِـــــكُمَا هَمٌّ وَتَســــهيدُ؟


أصَــــــخْرَةٌ أنَا، مـــا لي لا تُحَرّكُني


هَذِي المُــــدامُ وَلا هَــــذي الأغَارِيدُ


إذا أرَدْتُ كُمَــــيْتَ اللّـــــوْنِ صَافِيَةً


وَجَدْتُهَا وَحَـــــبيبُ النّفسِ مَفـــقُودُ


ماذا لَــــــقيتُ منَ الـــدّنْيَا وَأعْجَبُهُ


أني بمَـــــا أنَا شــــاكٍ مِنْهُ مَحْسُودُ


أمْسَـــــــيْتُ أرْوَحَ مُثْرٍ خَازِناً وَيَداً


أنَا الغَــــنيّ وَأمْــوَالي المَـــــوَاعِيدُ


إنّي نَزَلْتُ بكَــــذّابِينَ، ضَـــــــيْفُهُمُ


عَنِ القِــــرَى وَعَنِ الترْحالِ محْدُودُ


جودُ الرّجـــالِ من الأيدي وَجُودُهُمُ


منَ اللّســــانِ، فَلا كانوا وَلا الجُودُ


ما يَقبضُ المَوْتُ نَفساً من نفوسِهِمُ


إلاّ وَفــــي يَدِهِ مِــــنْ نَتْنِهَا عُـــــودُ


أكُلّمَــــا اغــــتَالَ عَبدُ السّوْءِ سَيّدَهُ


أوْ خَــــــانَهُ فَلَهُ في مــــصرَ تَمْهِيدُ


صَــــــارَ الخَصِـــيّ إمَامَ الآبِقِينَ بِهَا


فالـــــحُرّ مُسْتَعْبَدٌ وَالعَــــــبْدُ مَعْبُودُ


نَامَــــتْ نَوَاطِـيرُ مِصرٍ عَنْ ثَعَالِبِها


فَقَدْ بَشِـــمْنَ وَما تَفنى العَــــــــنَاقيدُ


العَـــــبْدُ لَيْسَ لِــــحُرٍّ صَـــــالِحٍ بأخٍ


لَـــــوْ أنّهُ في ثِيَابِ الحُــرّ مَــــوْلُودُ


لا تَشْتَرِ العَـــــبْدَ إلاّ وَالعَــــصَا مَعَهُ


إنّ العَــــبيدَ لأنْجَاسٌ مَـــنَاكِـــــــــيدُ


ما كُــــنتُ أحْسَــــبُني أحْيَا إلى زَمَنٍ


يُسِيءُ بي فيهِ عَــــــبْدٌ وَهْوَ مَحْمُودُ


ولا تَوَهّمْــــتُ أنّ النّاسَ قَدْ فُــــقِدوا


وَأنّ مِثْلَ أبي البَيْضــــاءِ مَوْجــــــودُ


وَأنّ ذا الأسْـــــوَدَ المَثْقُوبَ مَشْــفَرُهُ


تُطــــيعُهُ ذي العَضَــــاريطُ الرّعاديد


جَوْعــــانُ يأكُلُ مِنْ زادي وَيُمسِكني


لكَـــــيْ يُقالَ عَظــــيمُ القَدرِ مَقْصُودُ


وَيْلُمِّـــــهَا خُطّـــــةً وَيْلُمِّ قَــــــــابِلِهَا


لِمِثْلِــــــها خُلِقَ المَهْرِيّةُ القُـــــــــودُ


وَعِنْدَها لَذّ طَـــــعْمَ المَـــــوْتِ شَارِبُهُ


إنّ المَـــــنِيّةَ عِــــــنْدَ الــــــذّلّ قِنْديدُ


مَنْ عَلّــــمَ الأسْـوَدَ المَخصِيّ مكرُمَةً


أقَــــوْمُهُ الــــبِيضُ أمْ آبَاؤهُ الصِّـــيدُ


أمْ أُذْنُهُ في يَدِ النّخّـــــاسِ دامِـــــــيَةً


أمْ قَـــــــدْرُهُ وَهْوَ بالفِلْسَـــينِ مَرْدودُ


أوْلــــــى اللّئَامِ كُــــوَيْفِيرٌ بمَــــــعْذِرَةٍ


في كـــلّ لُــؤمٍ، وَبَعضُ العُــــذرِ تَفنيدُ


وَذاكَ أنّ الفُــــحُولَ البِيضَ عــــاجِزَةٌ


عــنِ الجَميلِ فكَيفَ الخِصْيةُ السّـــودُ؟













حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-