عبادة بن الصامت- نقيب الانصار

عبادة بن الصامت- نقيب الانصار

عبادة بن الصامت :انه واحد من الأنصار الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:


" لو أن الأنصار سلكوا واديا أو شعبا٬ لسلكت وادي الأنصار وشعبهم٬ ولولا الهجرة لكنت من أمرؤ من الأنصار".


عبادة بن الصامت  كان رضي الله عنه أحد الاثني عشر مؤمنا


من هو عبادة بن الصامت؟

عبادة بن الصامت بعد كونه من الأنصار٬ فهو واحد من زعمائهم الذين اتخذهم نقباء على أهليهم وعشائرهم.

عبادة بن الصامت  كان رضي الله عنه أحد الاثني عشر مؤمنا٬ الذين سارعوا الى الاسلام٬ وبسطوا أيمانهم الى رسول الله صلى الله عليه وسلم مبايعين حينما جاء وفد الأنصار الأول الى مكة ليبايع الرسول عليه السلام٬ تلك البيعة المشهورة بـبيعة العقبة الأولى٬ وشد وا على يمينه مؤازرين ومسلمين.

وحينما كان موعد الحج في العام التالي٬ يشهد بيعة العقبة الثانية يبابعها وفد الأنصار الثاني٬ مكونا من سبعين مؤمنا ومؤمنة٬ كان عبادة بن الصامت  أيضا من زعماء الوفد ونقباء الأنصار.


وفيما بعد والمشاهد تتوالى.. ومواقف التضحية والبذل٬ والفداء تتابع٬ كان عبادة بن الصامت  هناك لم يتخلف عن مشهد ولم يبخل بتضحية..ومنذ اختار الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقوم على أفضل وجه بتبعات هذا الاختيار.كل ولائه ﷲ٬ وكل طاعته ﷲ٬ وكلا علاقته بأقربائه بحلفائه وبأعدائه انما يشكلها ايمانه ويشكلها السلوك الذي يفرضه هذا الايمان..

عبادة بن الصامت يلغي حلف اليهود


 عبادة بن الصامت كان من مرتبطة بحلف قديم مع يهود بني قينقاع بالمدينة.ومنذ هاجر الرسول وأصحابه الى المدينة٬ ويهودها يتظاهرون بمسالمته.. حتى كانت الأيام التي تعقب غزوة بدر وتسبق غزوة أحد٬ فشرع يهود المدينة يتنمرون..وافتعلت احدى قبائلهم بنو قينقاع أسبابا للفتنة وللشغب على المسلمين..ولا يكاد عبادة يرى موقفهم هذا٬ حتى ينبذ اليهم عهدهم ويفسخ حلفهم قائلا:" انما أتولى الله٬ ورسوله٬ والمؤمنين..فيتنزل القرآن محييا موقفه وولاءه٬ قائلا في آياته:( ومن يتولى الله ورسوله٬ والذين آمنوا٬ فان حزب الله هم الغالبون).


لقد أعلنت الآية الكريمة قيام حزب الله..وحزب الله٬ هم أولئك المؤمنون الذين ينهضون حول رسول الله صلى الله عليه وسلم حاملين راية الهدى والحق٬ والذين يشكلون امتدادا مباركا لصفوف المؤمنين الذين سبقوهم عبر التاريخ حول أنبيائهم ورسلهم٬ مبلغين في أزمانهم وأعصارهم كلمة الله الحي القيوم..


ولن يقتصر حزب الله على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم٬ بل سيمتد عبر الأجيال الوافدة٬ والأزمنة المقبلة حتى يرث الله الأرض ومن عليها٬ ضاما الى صفوفه كل مؤمن بالله وبرسوله..


وهكذا فان عبادة بن الصامت  الرجل الذي نزلت هذه الآية الكريمة تحيي موقفه وتشيد بولائه وايمانه٬ لن يظل مجرد نقيب الأنصار في المدينة٬ بل سيصير نقيبا من نقباء الدين الذي ستزوى له أقطار الأرض جميعا.أجل لقد أصبح عبادة بن الصامت نقيب عشيرته من الخزرج٬ رائدا من رواد الاسلام٬ وامام من أئمة المسلمين يخفق اسمه كالراية في معظم أقطار الأرض لا في جبل٬ ولا في جبلين٬ أو ثلاثة بل الى ما شاء الله من أجيال.. ومن أزمان.. ومن آماد.


سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يتحدث عن مسؤلية الأمراء والولاة..سمعه يتحدث عليه الصلاة والسلام٬ عن المصير الذي ينتظر من يفرط منهم في الحق٬ أو تعبث ذمته بمال٬ فزلزل زلزالا٬ وأقسم بالله ألا يكون أميرا على أثنين أبدا..ولقد بر بقسمه..وفي خلافة أمير المؤمنين عمر ؤضي الله عنه٬ لم يستطع الفاروق أن يحمله على قبول منصب ما٬ الا تعليم الناس وتفقيههم في الدين.

أجل هذا هو العمل الوحيد الذي آثره عبادة بن الصامت ٬ مبتعدا بنفسه عن الأعمال الأخرى٬ المحفوفة بالزهو وبالسلطان وبالثراء٬ والمحفوفة أيضا بالأخطار التي يخشاها على مصيره ودينه

وهكذا سافر الى الشام ثالث ثلاثة: هو ومعاذ بن جبل و  أبو الدرداء.. حيث ملؤا البلاد علما وفقها ونوراوسافر عبادة الى فلسطين حيث ولي قضاءها بعض الوقت وكان يحكمها باسم الخليفة آنذاك٬ معاوية..


عبادة بن الصامت يعارض معاوية بن أبي سفيان


كان عبادة بن الصامت وهو ثاو في الشام يرنو ببصره الى ما وراء الحدود.. الى المدينة المنورة عاصمة السلام ودار الخلافة٬ فيرى فيها عمر ابن الخطاب..رجل لم يخلق من طرازه سواه

ثم يرتد بصره الى حيث يقيم٬ في فلسطين.. فيرى معاوية بن أبي سفيان..رجل يحب الدنيا٬ ويعشق السلطان.عبادة من الرعيل الأول الذي عاش خير حياته وأعظمها وأثراها مع الرسول الكريم.. الر عيل الذي صهره النضال وصقلته التضحية٬ وعانق الاسلام رغبا لا رهبا.. وباع نفسه وماله.

عبادة بن الصامت من الرعيل الذي رباه محمد بيديه٬ وأفرغ عليه من روحه ونوره وعظمته..اذا كان هناك من الأحياء مثل أعلى للحاكم يملأ نفس عبادة روعة٬ وقلبه ثقة٬ فهو ذلك الرجل الشاهق الرابض هناك في المدينة.. عمر بن الخطاب..فاذا مضى عبادة يقيس تصر فات معاوية بهذا المقياس٬ فستكون الشقة بين الاثنين واسعة٬ وسيكون الصراع محتوما.. وقد كان.



يقول عبادة بن الصامت  رضي الله عنه:" بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ألا نخاف في الله لومة لائم"..وعبادة بن الصامت  خير من يفي بالبيعة. واذن فهو لن يخشى معاوية بكا سلطانه٬ وسيقف بالمرصاد لكل أخطائه.. 

ولقد شهد أهل فلسطين يومئذ عجبا.. وترامت أنباء المعارضة الجسورة التي يشن ها عبادة على معاوية الى أقطار كثيرة من بلاد الاسلام فكانت قدوة ونبراسا..وعلى الرغم من الحلم الواسع الرحيب الذي اشتهر به معاوية فقد ضاق صدره بمواقف عبادة ورأى فيها تهديدا مباشرا لهيبة سلطانه..

ورأى عبادة بن الصامت  من جانبه أن مسافة الخلف بينه وبين معاوية تزداد وتتسع٬ فقال لمعاوية:" والله لا أساكنك أرضا واحدة أبدا".. وغادر فلسطين الى المدينة..


كان أمير المؤمنين عمر٬ عظيم الفطنة٬ بعيد النظر.. وكان حريصا على ألا يدع أمثال معاوية من الولاة الذين يعتمدون على ذكائهم ويستعملونه بغير حساب دون أن يحيطهم بنفر من الصحابة الورعين الزاهدين والنصحاء المخلصين٬ كي يكبحوا جماح الطموح والرغبة لدى أولئك الولاة٬ وكي يكونوا لهم وللناس تذكرة دائمة بأيام الرسول وعهده..

من أجل هذا لم يكد أمير المؤمنين يبصر عبادة بن الصامت وقد عاد الى المدينة حتى ساله:" ما الذي جاء بك يا عبادة"...؟؟ ولما قص عليه ما كان بينه وبين معاوية قال له عمر:" ارجع الى مكانك٬ فقبح الله أرضا ليس فيها مثلك..!!ثم أرسل عمر الى معاوية كتابا يقول فيه:" لا امرة لك على عبادة"..!!أجل ان عبادة أمير نفسه..وحين يكرم عمر الفاروق رجلا مثل هذا التكريم٬ فانه يكون عظيما..وقد كان عبادة عظيما في ايمانه٬ وفي استقامة ضميره وحياته.


قبر عبادة بن الصامت في الرملة في فلسطين

وفي العام الهجري الرابع والثلاثين٬ توفي عبادة بن الصامت بالرملة في أرض فلسطين هذا النقيب الراشد من نقباء الأنصار والاسلام٬ تاركا في الحياة عبيره وشذاه..



المصادر

رجال حول الرسول

خاد محمد خالد


تعليقات