القافية:ما هي القافية،‌‌ ما حروف القافية ماهي حركات القافية؟

القافية: ما هي القافية،‌‌ ما حروف القافية ماهي حركات القافية؟





القافية،‌‌حروف القافية،حركات القافية







‌‌






ماهي القافية ؟

 القافية هي: المقاطع الصوتية التي تكون في أواخر أبيات القصيدة، أي المقاطع التي يلزم تكرار نوعها في كل بيت.فأول بيت في قصيدة الشعر الملتزم يتحكم في بقية القصيدة من حيث الوزن العروضي، ومن حيث نوع القافية.


فإذا فرضنا أن الشاعر أنهى مطلع قصيدته؛ أي البيت الأول منها بكلمة مثل الوطن بسكون النون، فإنه يتحتم عليه أن يختم بقية أبيات القصيدة بنون ساكنة مثل الزمن، والشجن، والوسن، والفنن إلخ.

أما إذا أورد النون في الوطن محركة بالكسر في البيت الأول فإن عليه أن يلتزم كسر النونات فيما يلي من الأبيات. وفي هذه الحالة يكون الشاعر قد أوجب على نفسه حيال القافية شيئين:

أ- النون.

ب- وكونها محركة بالكسر.

وكذلك الحال إذا أورد النون مضمومة أو مفتوحة فإن نوع الحركة يتحتم في بقية القصيدة

ويحدث ألا يكتفي الشاعر بذلك، بل قد يورد بعد النون المحركة هاء ساكنة أو محركة، مثل: وطنه، زمنه، شجنه، فننه  إلخ.

وأحيانًا يلتزم الشاعر قبل النون حرف مد كالألف مثلاً فيذكر كلمة أوطان ويكون هذا المد بدون الهاء بعد النون أو مع الهاء التي بعد النون مثل أوطانه.

وقد يلجأ الشاعر إلى تنسيق نغم القافية باتباع طريقة أخرى وذلك بأن يجعل بين المد الذي قبل النون حرفًا صحيحًا، كما في كلمة الباطن، والخازن، والقاطن، والساكن  إلخ.

وكل ما تقدم مبني على أساس أنه اختار حرف النون لتكون مركزًا للقافية. فالقافية إذن تشتمل على حرف بوضع معين، وعلى حركات بوضع معين كذلك، ولها في كلتا الحالين صفات خاصة ينبغي مراعاتها.

فإذا تخلفت بعض خصائص القافية نتج عن ذلك عيب من عيوب القافية.

ومن هذا تتحدد مباحث القافية كعلم قائم بنفسه، وهي:


  1. حروف القافية
  2.  وحركات القافية
  3.  وعيوب القافية

تتكون القافية من حرف أساسي ترتكز عليه يعرف باسم الروي.

ماهو الروي؟


الروي هو آخر حرف صحيح في البيت وعليه تبني القصيدة وإليه تنتسب، فيقال: قصيدة ميمية أو نونية أو عينية، إذا كان الروي فيها ميمًا أو نونًا أو عينًا.

والروي وحده هو أقل ما تتألف منه القافية، وذلك عندما يكون الروي ساكنًا؛ فإذا زاد الشاعر شيئًا آخر فإن لهذه الزيادة اصطلاحات خاصة هي:

الوصل:ما هو الوصل؟


الوصل: ويكون بإشباع حركة الروي فيتولد من هذا الإشباع حرف مد، أو يكون بهاء بعد الروي.

ما هو الخروج؟


الخروج: بفتح الخاء ويكون بإشباع هاء الوصل.

ماهو الردف؟


الردف: ويكون حرف مد قبل الروي مباشرة أو حرف لين

ما هو التأسيس؟.


التأسيس: وهو حرف مد بينه وبين الروي حرف صحيح.

فالروي إذن عماد القافية ومركزها، وما عداه من الوصل والخروج، والردف، والتأسيس يدور حوله. ولنتكلم عن هذه المصطلحات بشيء من التفصيل.

 الروي


عرفنا أن الروي هو الحرف الصحيح آخر البيت، وهو إما ساكن أو متحرك. فالروى الساكن يصلح أن يمثله أغلب الحروف الهجائية، وهناك قلة من الحروف لا تصلح أن تكون رويًّا، وسوف نشير إليها فيما بعد.

والحرف الساكن يدخل ضمنه هنا الحرف المشدد الساكن، فإنه يعتبر حرفًا واحدًا من ناحية العروض والقافية. مثال ذلك 

قول شوقي:

رب طفل برح البؤس به

مطر الخير فتيًّا ومطر

وصبي أزرت الدنيا به

شب بين العز فيها والخطر

ورفيع لم يسوده أب

من أبو الشمس؟ ومن جد القمر؟

فلك جار ودنيا لم يدم

عندها السعد ولا النحس استمر

فالبيت الرابع هنا في آخره حرف مشدد هو الراء في استمر، ولكنه مع ذلك يعتبر ساكنًا. وفي القصيدة بيتان آخران ينتهي كل منهما براء.مشددة ساكنة، الأولى في كلمة ضر والثانية في كلمة شر.

الحروف التي لا تصلح أن تكون رويًّا:


أما الحروف القليلة التي لا تصلح للروي فهي: حروف المد الثلاثة، والهاء، والتنوين تنوين الترنم وهو الذي يلحق القوافي المطلقة، كقول جرير:

أقلي اللوم عاذل والعتابنْ

وقولي إن أصبت لقد أصابنْ

فالنون الساكنة التي في العتابن وأصابن عوض عن ألف الإطلاق. والسبب الرئيسي في منع صلاحية هذه الحروف للروي أنها تمثل حركة الحرف الصحيح الآخر. ولنتكلم الآن عن كل واحد منها على حدة.

أ- الألف:

وذلك إذا كانت ألف الإطلاق، وهي الناشئة من إشباع حركة الروي التي هي الفتحة، وذلك 

كقول الشاعر:

سرى في الليل لا يدري إلا ما 

 وأوغل ما يرى إلا ظلاما

أو ألف التثنية كقول شوقي:

يا خليلي لا تذما لي المو 

 ت فإني من لا يرى العيش حمدا

لا أقول اسكنا إلى هذه الدا 

 ر غرورًا، ولا أقول استعدا

فالألف في استعدا ألف التثنية.

ومثل ذلك أيضًا الألف المنقلبة عن نون التوكيد الخفيفة كقول الشاعر:

يحسبه الجاهل ما لم يعلما 

 شيخًا على كرسيه معممًا

فالفعل يعلما مضارع بني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفًا في الوقف. 

ومثله أيضًا قول الشاعر:

ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا

وكذلك الألف التي في كلمة أنا والألف الملاحقة ها الغائبة مثل: شابابها.

ب- الياء:

ويشمل ذلك ياء الإطلاق وهي الناشئة من إشباع حركة الروى إذا كانت هذه الحركة كسرة 

كقول الشاعر:

خل البكاء بموكب الشهداء 

 إن البكاء مطية الضعفاء

كما يشمل ياء المتكلم كقول الشاعر السابق من القصيدة ذاتها:

فوجمت أحوج ما أكون تكلما

 وعجزت عن تصوير بعض عزائي

ومن الحوادث ما ينوء بحمله 

 شعب ويخرس ألسن الشعراء

فالياء في عزائي ياء المتكلم.وكما يشمل الياء التي من بنية الكلمة كقول الشاعر:

كفى دعابات الجنون فما بقي

 لهواك معنى يرتجيه ويتقي

ج- الواو:

والمراد بها إما واو الإطلاق أيضًا وهي الناشئة من إشباع حركة الروي وإذا كانت هذه الحركة ضمة، وذلك كقول ابن الرومي:

لِمَا تُؤْذِنُ الدنيا به من صروفهَا

 يكونُ بكاءُ الطفلِ ساعةَ يولدُ

وإلا فما يُبكيه منها.. وإنها

 لأرحبُ مما كان فيه وأرغدُ؟

وإما واو الجماعة كقول شوقي:

واذكر الترك إنهم لم يطاعوا

 فيرى الناس أحسنوا أم أساءوا

وإما الواو اللاحقة لضمير الجمع، وذلك كقول شاعر معاصر:

فتزوّدْ للهوى أسفًا 

 وانسَ يا مسكين حبَّهمو

د- الهاء:

سواء أكانت هاء السكت كقول ابن قيس الرقيات:

بكرت علىَّ عواذلي 

 يَلْحَيْنَني وأَلُومُهُنَّهْ

وَيَقُلْنَ شيبٌ قد علا 

 ك وقد كبِرتَ فقلتُ إنهْ

أو هاء الضمير الساكنة، كقول شاعر معاصر:

من لهذا اليتيم غير رجالٍ

 أصبحوا في الحياة مِن أعوانهْ؟

أَوْرِدُوه مناهل العلم صِرفًا

 ودعوه يصول في ميدانهْ

ربَّ طفلٍ في أمسه كان نِسيًا 

 وهو اليوم حادثٌ في زمانهْ

أو هاء الضمير المتحركة كقول الشاعر السابق:

قل للجداول عاد شاعرُك الذي 

 يا طالما غنَّاك في أشعاره

قد عاد والشوقُ القديمُ بقلبه 

 ورُؤَى الشباب تُطِلّ مِن أنظاره

يشكو إليك إذا وَعَيتِ شكاته
 
 مما رأى في ليله ونهاره

ِ وهذا بشرط ألا يكون قبل هاء الضمير حرف مَدٍّ وإلا اعتبرت الهاء رويًّا كقول الشاعر:

يا رفيقي الملاح: أين هي الأر 

 ض؟ ومالي على الضحى لا أراها؟

أعراها من السماء ازورار؟ 

 أم مشي الليلُ فوقها فمحاها؟

وإلى أين والعوالم حولي 

 أطلعت سخطها وأبدت أذاها؟

الغيوم الجهماء تحجب عني
 
 وجه شمس الضحى وتخفي سناها

هـ- التنوين:

ولا يثبت التنوين في آخر البيت إلا إذا كان تنوين الترنم الذي سبقت الإشارة إليه أو التنوين الغالي وهو الذي يلحق القوافي المقيدة؛ أي الساكنة الروي

كقول الشاعر:

قالت بنات الحي يا سلمى وإن

 كان فقيرًا معدومًا؟ قالت: وإن

وهذه الأحرف التي لا تصلح أن تكون رويًّا يجب أن يعتبر أن ما قبلها هو الروي.ومعنى ذلك أن جميع الحروف الصحيحة تصلح للروي، وكذلك تصلح للروي حروف اللين.

وسوف نتكلم عن أحرف اللين التي تصلح للروي عند الكلام على الوصل وعلى الهاء أيضًا

أما بقية الحروف الصحيحة فتصلح رويًا دون قيد؛ فإذا كان الحرف الصحيح ساكنًا فهو روي وعنده تنتهي القافية، أما إذا تحرك فان الصحيح بكون رويا وحركته وصلًا.

ولا فرق في الروي بين أن يكون ما قبله محركًا أو ممدودًا، ومثال الروي الساكن الذي تحرك ما قبله قول الشاعر:

إيه عدادة السنين علينا 

 مقبلات بمفرح أو بمحزن

هل سبيل بين الوري لوفاق
 
 كم سمعنا بأنه غير ممكن

فرقتهم أجناسهم ولغاهم 

 واستطابواالخلاف حتى تمكن

واشتروا بالإخاء حقدًا بليغًا

 فانبرى بعضهم على البعض يطعن

ومثال الروي الساكن الذي قبله مد قول الشاعر:

أيها الليل أتينا نشتكي

 فاستمع شكوى الحزانى المتعبين

هدنا الحزن وأضنانا الأسى

 وبرانا الوجد في دنيا الشجون

قد شكوناك وجئنا نشتكي

 لك شيئًا في خيال الذاهلين

الوصل

الوصل نوعان:

أحرف مد يتولد عن إشباع حركة الروي فيكون ألفًا أو واوًا أو ياءً.
ب هاء ساكنة أو محركة تلي حرف الروي.

فمثلًا إذا كان الروي ميمًا محركة فإن هذه الحركة يتولد عنها إشباع أي حرف مد، ففي حالة الفتحة تتولد الألف، وفي حالة الضمة تتولد الواو، وفي حالة الكسرة تتولد الياء.

وحرف المد المتولد عن إشباع حركة الروي أيًّا كانت يسمى وصلًا. ولا فرق في حرف المد بين أن يكون للإطلاق وبين أن يكون لغيره كألف التثنية، وياء المتكلم، والياء الأول بميم محركة بالفتح مثلًا فإن الفتحة تستتبع وجود ألف في هذه الحالة، وكذلك إذا حركت الميم بالضمة فإنها تستتبع وجود واو، أما إذا حركت بالكسرة فإنها تستتبع وجود ياء.

مثال الوصل بألف المد قول الشاعر:

كنت لي ظلًا على الأرض وريفا 

 كنت لي معنى سماويًا لطيفًا

كنت لي سحرًا يغشي هيكلي
 
 وربيعًا شاعريًّا لا خريفًا

كنت مرهوبًا بما ألبستني 

 من معانيك ووضاء شفيفًا

ثم مات الظل والسحر معًا 

بين كفيك فأصبحت مخيفًا

فالروي هنا هو الفاء المحركة بالفتحة في آخر الأبيات، والألف الناتجة من إشباع فتحة الفاء هي الوصل.

ومثال الوصل بالياء الممدودة فيما رويه محرك بالكسرة، وهو هنا القاف،
قول الشاعر:

أي بشرٍ لم تسكبي في حياتي؟ 

 أي نور في جوها لم تريقي؟

أي فجر معطر قمري
 
 أنت لم تطلعيه عذب الشروق؟

كنت بالأمس غارقًا في قيودي
 
 وأنا اليوم دائم التحليق

كالخيال الطروب، كالنسيم العا 

 بر وهنًا، وكالضياء الدفوق

كالرجاء المنغوم، كالفرح الملـ 

 ـقى بأسبابه لكل فريق

كالغناء المبثوث في ذلك الكو
 
 ن جميعًا، وكالغمام الرقيق

هكذا نضَّرت يداك حياة 

 كنت من قفرها بهم وضيق

ومثال الوصل بالواو المدودة فيما رويه محرك بالضمة، وهو هنا الباء، قول الشاعر:

اهنئوا بالعيد والهوا واطربوا 

 يا بني العيد وضجُّوا واصخبوا

فاذا نحن به.. لم نبتسم 

 وقعدنا عنكم لا تغضبوا

كتب الله لنا من دونكم 

شقوة العمر.. فأين المهرب؟

الوصل بالهاء:

والوصل بالهاء، يكون بهاء ساكنة أو محركة بعد حرف الروي. فمثال الهاء الساكنة التي تلي حرف الروي قول شوقي:

كان شعري الغناء في فرح الشر

 ق وكان العزاء في أحزانه

قد قضى الله أن يؤلفنا الجر

 ح وأن نلتقي على أشجانه

كلما أن بالعراق جريح
 
 لمس الشرق جنبه في عمانه

ومثال الوصال بالهاء المحركة التي تلي حرف الروي، قول شوقي أيضًا:

لبنان والخلد اختراع الله لم 

 يوسم بأزين منهما ملوكوته

هو ذروة في الحسن غير مرومة

 وذرا البراعة والحجا بيروته

وكأن أيام الشباب ربوعه 

 وكأن أحلام الكعاب بيوته

وكأن ريعان الصبا ريحانه
 
 سر السرور يجوده ويقوته

وكأن أثداء النواهد تينه 

 وكان أقراط الولائد توته

وكأن همس القاع في أذن الصفا

 صوت العتاب: ظهوره وخفوته

حروف تصلح وصلًا ورويًّا:


أشرنا من قبل إلى أن أحرف المد والهاء لا تصلح للروي، ولكن هذا الكلام ليس على إطلاقه، ذلك أنه يمكن أحيانًا اعتبار هذه الحروف وصلًا وما قبلها في هذه الحالة يكون رويًّا، وفي حالات قليلة يمكن اعتبارها رويًّا بقيود، كما يمكن اعتبار أحرف أخرى رويًّا بقيود كذلك. وهذه الأحرف هي: الهاء والكاف والتاء.

ومن ذلك نرى أن الأحرف التي تصلح رويًّا ووصلًا بقيود هي: الألف، والواو والياء، والهاء، وتاء التأنيث، وكاف الخطاب.

والمراد بصلاحيتها للروي والوصل، أن الشاعر إن التزم ما قبلها كان ما قبلها هذا رويًّا وكان هي وصلًا، وإن لم يلتزم ما قبلها كانت هي رويًّا وفيما يلي تفصيل ذلك:

1 الألف:

تصلح الألف للروي والوصل إذا كانت أصلية؛ أي من بنية الكلمة، وكان ما قبلها مفتوحًا. ومن أمثلة ذلك: الهدى، المنى، الهوى، الضنى، الأسى جرى، مضى، دعا، عفا، استوى.

فإذا أورد الشاعر في قافيته هذه الكلمات ومثيلاتها من الكلمات التي تنتهي.بألف أصلية، أي من بنية الكلمة ولم يلتزم الحرف الذي قبلها، فإنه يكون قد اعتبر الألف رويا، وتسمى القصيدة حينئذ مقصورة.

مثال ذلك قصيدة للشاعر المصري محمود سامي البارودي يصف فيها القطار والمزارع، وإليك نموذجًا منها:

ولقد علوت سراة أدهم لو جرى 

في شأوه برق نعثر أو كبا

يجرى على عجل فلا يشكو الوجى 

 مد النهار ولا يمل من السرى

حتى وصلت إلى جانب أفيح 

 زاهي النبات بعيد أعماق الثرى

تستن فيه العين بين منابت 

 طابت مغارسها وجنات روا

ملتف أفنان الحدائق لو سرت
 
 فيه السموم لشابهت ريح الصبا

فترابه نفس العبير ونبته .

سرق الحرير وماؤه فلق الضحى

فاذا شممت وجدت أطيب نفحة
 
 واذا التفت رأيت أحسن ما يرى

والقطن بين ملوز ومنور 

.كالغادة ازدانت بأنواع الحلى

فكأن عاقده كرات زمرد
 
 وكأن زاهره كواكب في الروا

دبت به روح الحياة فلو وهت 

 عنه القيود من الجداول قد مشى

فأصوله الدكناء تسبح في الثرى 

 وفروعه الخضراء تلعب في الهوا

ومثاله كذلك قول المتنبي:

فلما أنخنا ركزنا الرما 

ح فوق مكارمنا والعلا

وبتنا نقبل  أسيافنا 

 ونمسحها من دماء العدا

لنعلم مصر ومن بالعراق

 ومن بالعواصم أنى الفتى

وأني وفيت وأني أبيت 

 وأني عتوت على من عتا

وما كل من قال قولاً وفى 

 ولا كل من سيم خسفا أبي

أما إذا التزم الشاعر الحرف الذي قبل الألف سواء أكانت الألف أصلية أم للإطلاق فإن الألف في هذه الحالة تعتبر ألف وصل والحرف الملتزم قبلها هو الروي، مثال ذلك قول أبي العلاء المعري:

منك الصدود ومني بالصدود رضا 

 من ذا علي بهذا في هواك قضى؟

بي منك ما لو غدا بالشمس ما طلعت 

من الكآبة أو بالبرق ما ومضا

إذا الفتى ذم عيشًا في شبيبته 

 فما يقول غذا عصر الشباب مضى؟

وقد تعوضت عن كلٍّ بمشبهه 

 فما وجدت لأيام الصبا عوضا

جربت دهري وأهليه فما تركت 

 لي التجارب في ود امرئ غرضا

فأبيات المعري تنتهي قافيتها بالضاد والألف، ولكن بعض الألفات فيها ما هو أصلي كالألف فيك رضا، قضى، مضى وفيها ما ليس أصليًا بل للإطلاق كالألف في: ومضا، عوضا، غرضا، ولذلك اعتبرت الضاد رويا والألف وصلا.

2 الياء:

أإذا كانت الياء أصلية ممدودة وكان ما قبلها مكسورًا فإنها تكون صالحة للروي وللوصل؛ فتكون رويًّا إذا لم يلتزم الحرف الذي قبلها مثل: يكفي، يرمي، يهدي، يطوي، مبدي، مجدي وتكون وصلًا إذا التزم الحرف الذي قبلها، مثل: يحمي، ينمي، يرمي، يدمي، يصمي.
ب فإذا لم تكن الياء أصلية تعين كونها وصلاً وتعين أن يكون الحرف
الذي قبلها حينئذ رويًا. مثال ذلك: انعمي، اسلمي، مرغمي، مقدمي، لم تعلمي، لا تكتمي، بالدم، أخو المسلم.
جـ وإذا التزم الحرف الذي قبلها سواء أكانت أصلية أم غير أصلية تعين أن تكون وصلًا كذلك، وتعين أن يكون الحرف الملتزم قبلها رويًّا. 

وذلك كقول الوأواء الدمشقي في وصف شمعة:

ومخطوفة الخضر لما بدت 

 لدى الليل عاينت صبحا يضي

تعاقب من نفسها نفسها

 فتقضي الأمور كما تنقضي

وتمرض إن تركوا رأسها
 
وإن قطعوا الرأس لم تمرض

د أما إذا كانت الياء متحركة مع تحرك الحرف الذي قبلها أو سكونه فيتعين أن تكون رويًّا.
مثال الياء المتحركة مع تحرك ما قبلها قول شوقي:

أداري العيون الفاترات السواجيا 

 وأشكو إليها كيد إنسانها ليا

قتلن ومنين القتيل بألسن 

من السحر يبدلن المنايا أمانيا

وعرض بي قومي يقولون: قد غوى 

 عدمت عذولي فيك إن كنت غاويا

يروءون سلوانا لقلبي يريحه 

 ومن لي بالسلوان أشريه غاليًا؟

وما العشق الا لذة ثم شقوة 

 كما شقي المخمور بالسكر صاحبًا

ومثال الياء المتحركة مع سكون ما قبلها قول شوقي أيضًا في الهلال والصليب الأحمرين.

جبريل أنت هدى السما 

وأنت برهان العناية

ابسط جناحيك اللذيـ 

ن هما الطهارة والهداية

وزد الهلال من الكرا 

 مة والصليب من الرعاية

فهما لربك راية 

 والحرب للشيطان راية

لم يخلق الرحمن أكـ 

 بر منهما في البر آية

الأحمران عن الدم الـ 

 ـغالي وحرمته كناية

الغاديان لنجدة 

 الرائحان إلى وقاية

يقفان في جنب الدما 

كالعذر في جنب الجناية

3 الواو:

وذلك إذا كانت أصلية ممدودة وكان الحرف الذي قبلها مضمومًا مثل: يرجو، يعفو، يسلو، يدعو، يحبو.
وهي في جميع أحوالها شبيهة بأحوال الياء السابقة.

4 الهاء:

والهاء تصلح أن تكون رويا إذا كانت أصلية؛ أي من بنية الكلمة وكان ما قبلها محركًا،

 وذلك كقول على الجارم:

أبصرت أعمى في الظلام بلندن 

 يمشي فلا يشكو ولا يتأوه

فأتاه يسأله الهداية مبصر

 حيران يخبط في الظلام ويعمه

فاقتاده الأعمى فسار وراءه
 
 أنى توجه خطوة يتوجه

وهنا بدا القدر المعربد ضاحكًا 

 ومضى الضباب ولا يزال يقهقه

أما إذا كانت الهاء للسكت، أو هاء الضمير، أو تاء التأنيث عندما تنطق هاء، فإنها في هذه الأحوال تكون وصلاً لا رويا.

5 التاء

والمراد بالتاء هنا تاء التأنيث المتحرك ما قبلها، أي التي ليس قبلها مدة وذلك مثل: استحلت، زلت، تخلت، تحلت، ذلت، سواء أظلت التاء ساكنة أم حركت بالكسر للإطلاق أم لإتباعها بياء المتكلم.

ففي مثل هذه الأمثلة التي يلتزم فيها الحرف المتحرك الذي قبل التاء، تعتبر التاء وصلًا ويعتبر أحرف الملتزم قبلها رويا. مثال ذلك قول كثير عزة:

وما كنت أدري قبل عزة ما البكا 

ولا موجعات القلب حتى تولت

وكانت لقطع الحبل بيني وبينها

 كناذرة نذرا فأوفت وحلت

فقلت لها: يا عز كل مصيبة 

 إذا وطنت يومًا لها النفس ذلت

أريد الثواء عندها وأظنها 

 إذا ما أطلنا عندها المكث ملت

هنيئًا مريئًا غير داء مخامر

 لعزة من أعراضنا ما استحلت

فوالله ما قاربت إلا تباعدت 

 بهجر ولا أكثرت إلا أقلت

أما إذا اختلف الحرف الذي قبل التاء؛ أي لم يلتزم، فإنه يتعين أن تكون التاء رويًا لا وصلاً. مثال ذلك قول عمر بن الفارض

ألا في سبيل الله الحب حالي وما عسى 

 بكم أن ألاقى لو دريتم أحبتي

أخذتم فؤادي وهو بعضي، فما الذي 

 يضركم أن تتبعوه بجملتي؟

وجدت بكم وجدًا قوى كل عاشق
 
 لو احتملت من عبثه البعض كلت

وأنحلني سقم له بجفونكم 

 غرام التياعي بالفؤاد وحرقتي

كأني هلال الشك لولا تأوهي 

 خفيت فلم تهد العيون لرؤيتى

ومثله كذلك قول الشريف الرضي:

وكم صاحت الأيام خلفي بروعة 

 فصرت بعين الجازع المتلفت

تسل على الحادثات سيوفها
 
 فمن مغمد قد نال مني ومصلت

وقد كنت آبى أن أقاد وإنما 

 ألان قيادي من ألان عريكتي

ألا لا أعد العيش عيشًا مع الأذى 

 لأن قعيد الذل حي كميت

فالروي هنا وفي المثال الذي قبله هو التاء، وذلك لاختلاف الحرف الذي قبلها، أما الاشباع المتولد عن كسرة التاء وهو الياء هنا فوصل.
ولا فرق في تاء التأنيث هذه بين أن تكون مفتوحة،أو مربوطة ما دام آخرها ينطق بالتاء لا بالهاء، كما يلاحظ في المثالين السابقين.

6 الكاف:

والمراد بالكاف هو كاف الخطاب إذا لم يكن قبلها مد. فإذا اتحد نوع الحرف الصحيح الذي قبلها، أي الملتزم، فإنه يصح اعتبار الحرف رويًا والكاف وصلًا. ومن ناحية أخرى يصح اعتبار الكاف نفسها رويًا

مثال ذلك قول الشاعر:

يا رجاء القلب يا طيف المنى

 نولى الليلة قلبًا نو لك

أدنا الموعد يا صاحبتي

 وغدًا أمر التنائي شاغلك؟

أدنا حقًا؟ لقد أذهلني

 هوله البادي كما قد أذهلك

ساعة الخلد: ألا ما أعجلك!

 ليلة البين: ألا ما أطولك!

ونظير ذلك قول الشاعر:

ودع الصبر محب ودعك 

 ذائع من سره ما استودعك

يا أخا البدر سناء وسنى

 رحم الله زمانًا  أطلعك

إن يطل بعدك ليلى فلكم

 بت أشكو قصر الليل معك

وإذا لم يتحد نوع الحرف الذي قبل كاف الخطاب فإنه يتعين أن تكون الكاف هي الروي، مثال ذلك:

كن مع الله يكن لك 

 واتق الله لعلك

إن للموت لسهمًا

واقعًا دونك أو بك

فعلى الله توكل 

 وبتقواه تمسك

نحن نجري مثل ترتيـ 

 ـب سكون وتحرك

أما إذا كانت كاف الخطاب مسبوقة بحرف من أحرف المد الثلاثة فإنه يتعين أن تكون الكاف رويا.

مثال كاف الخطاب المسبوقة بحرف المد الألف قول شوقي:

يا جارة الوادي طربت وعادني 

ما يشبه الأحلام من ذكراك

ولقد مررت على الرياض بربوة

 غناء كنت حيالها ألقاك

ضحكت إلي وجوهها وعيونها

ووجدت في أنفاسها رياك

ومثال كاف الخطاب المسبوقة بحرف المد الواو أو الياء 

قول شوقي كذلك:

بيروت يا روح النزيل وأنسه 

يمضي الزمان علي لا أسلوك

الحسن لفظ في المدائن كلها 

 ووجدته لفظًا ومعنى فيك

إن يجهلوك فإن أمك سوريا 

 والأبلق الفرد الأشمَّ أبوك

والسابقين إلى المفاخر والعلا 

 بله المكارم والندى أهلوك

3 الخروج:

والخروج بفتح الخاء يراد به حركة هاء الوصل فمثلاً كلمة شبابه إذا وقعت في نهاية البيت مرفوعة هكذا، فإن الهاء ستكون مضمومة تبعًا لضم الباء وسوف تكون مشبعة ويتولد عن هذا الإشباع واو. فالباء في هذه الحالة روي، والهاء وصل، والواو التي نتجت عن الإشباع خروج. وينبغي أن تكون بقية أبيات القصيدة منتهية بكلمات مثل: ذهابه، غابه، آدابه، بابه. بضم حرف الروى الذي هو الياء في كل هذه الكلمات.
أما إذا كانت هذه الكلمات مجرورة فإن الهاء ستكون مكسورة أيضًا لكسر الباء، ويتولد عن إشباع الهاء ياء. فالباء روي، والهاء وصل، والياء الناتجة عن إشباع الكسرة خروج
وهذا كله ما لم يكن قبل الهاء حرف مد، وإلا فإن الهاء في هذه الحالة تكون رويا والإشباع بعدها يكون وصلاً، وذلك مثل: هاديها، راجيها، أخوها، بنوها، سماها، علاها. أما المد الذي يأتي قبل الهاء، أيًا كان نوعه فيسمى ردفًا، بكسر الراء وسكون الدال وسيتلو بيانه.
مثال الخروج والإشباع فيه الواو 

قول أبي فراس الحمْداني:

كيف السبيل إلى طيف يزاوره 

والنوم في جملة الأحباب هاجره

الحب آمره والصون زاجره 

 والصبر أول ما يأتي وآخره

أنا الذي إن صبا أو شفه غزل 

فللعفاف وللتقوى مآزره

وأشرف الناس أهل الحب منزلة 

 وأشرف الحب ما عفت سرائره

ومثال الخروج والإشباع فيه الياء

 قول شوقي:

في الموت ما أعيا وفي أسبابه 

 كل امرئ رهن بطي كتابه

إن نام عنك فكل طب نافع 

 أو لم ينم فالطلب من أذنابه

هو منزل الساري وراحة رائح 

 كثر النهار عليه في إتعابه

وشفاء هذي الروح من آلامها 

ودواء هذا الجسم من أوصابه

من سره ألا يموت  فبالعلا

 خلد الرجال وبالفعال النابه

ومثال الخروج والإشباع فيه الألف قول أبي فراس الحمْداني من قصيدة بعث بها إلى سيف الدولة وهو أسير مقيد بحصن خرشنة عندما علم بمرض أمه حسرة على أسره:

يا حسرة ما أكاد أحملها 

 آخرها مزعج وأولها

عليلة بالشآم مفردة

 بات بأيدي العدي معللها

تمسك أحشاءها على حرق

 تطفئها والهموم تشعلها

تسأل عنا الركبان جاهدة

 بأدمع ما تكاد تمهلها

يا من رأى لي بحصن خرشنة
 
 أسد شرى في القيود أرجلها؟

يا من رأى لي الدروب شامخة 

 دون لقاء الحبيب أطولها؟

يامن رأى لي القيود موثقة 

 على حبيب الفؤاد أثقلها؟

4 الردف:

والردف: حرف مد يكون قبل الروي سواء أكان هذا الروي ساكنًا أم متحركًا.
فمثال الروي الساكن المسبوق بردف، أي بحرف مد أيًّا كان نوعه كلمات نحو جناب، رحاب، شباب، قلوب، خطوب، لغوب، حبيب، خطيب، غريب. فالباء في هذه الكلمات روي ساكن مسبوق بردف يتمثل في أحرف المد الثلاثة.

وهذه الكلمات ذاتها إذا حركنا الباء فيها وأشبعناها فإنها تكون رويًا متحركًا مردفًا لسبقها بواحد من أحرف المد الثلاثة.

ومعنى ذلك أن الردف قبل الروي غير مرتبط بالوصل بعده، ويلاحظ أنه لا فرق بين الوصل بحرف الإشباع وبين الوصل بالهاء، فإذا كان بعد الروي هاء وصل فإن ذلك لا يمنع ورود حرف مد قبل الروي يكون ردفًا كما في كلمات، نحو: جهاده، بلاده، مولوده، جنوده، جديده، يعيده بسكون الهاء في كل هذه الكلمات

ولو حركت هاء الوصل هنا فنتج عن تحريكها الخروج فإن هذا لا يمنع الردف أيضًا.
ومثل أحرف المد في الردف حرفا اللين وهما الواو والياء الساكنتان المفتوح ما قبلهما مثل: قول، حول طول، ليل، ميل، سيل.

والتزام الردف يعني أن الشاعر متى بدأ قصيدته بقافية مشتملة على ردف، أي على حرف مد أو لين سابق لروي فإنه ينبغي أن يلتزم ذلك وألا يتخلى عنه، وإلا كان ذلك عيبًا من عيوب القافية يسمى سناد الردف والذي سنعرفه عند الكلام على عيوب القافية.

وحروف المد الثلاثة: الألف والواو والياء من حيث الردف قسمان:
القسم الأول:

 الألف، وهي وحدها قسم بذاته، بمعنى أن الردف متى كان بالألف مثل: الحياة، الصلاة، المعجزات، الرحمات. فإنه يجب أن يستمر الردف بالألف من أول القصيدة إلى آخرها، فلا يجوز أن تتناوب الألف مع الواو أو الياء.

ب القسم الثاني: 

الواو والياء، وهما قسم بذاته بمعنى أن الشاعر إذا لم يشأ أن يجعل الردف بالألف بل شاء أن يجعله بالواو فإنه لا بأس عليه في هذه الحالة أن يعاقب بينها وبين الياء في قصيدة واحدة.
فكلمات القافية: نور، وبدور، ونسور، وقصور وبحور، وأمور، يمكن أن تكون في قصيدة واحدة جنبًا إلى جنب مع الكلمات: بشيرن ونذير، وعذير، ومنير ونصير وظهير.
وإذا جاز للشاعر أن يعاقب بين الياء والواو في مسألة الردف فإنه لا يجوز له أن يورد كلمة لا تشتمل على ردف أصلاً أو مشتملة على ألفأمثلة الردف:

الردف بالألف مع روى ساكن، ومثاله قول شوقي:

قولوا له روحي فداه 

 هذا التجني ما مداه؟

أنا لم أقم بصدوده 

 حتى يحملني نواه

تجري الأمور لغاية 

 إلا عذابي في هواه

سميته بدر الدجى

 ومن العجائب لا أراه


الردف بالواو أو الياء مع روي ساكن، ومثاله قول شوقي أيضًا مخاطبًا نابليون:

قم إلى الأهرام واخشع واطرح 

خيلة الصيد وزهو الفاتحين

وتمهل إنما تمشي إلى 

 حرم الدهر ومحراب القرون

يا كثير الصيد للصيد العلا 

قم تأمل كيف صادتك المنون

قم تر الدنيا كم غادرتها 

 منزل الغدر وماء الخادعين

وتر الحق عزيزًا في القنا

 هينًا في العزل المستضعفين

وتر الأمر يدًا فوق يدٍ

 وتر الناس ذئابًا وضئين

عظة قومي بها أولى وإن

 بعد العهد فهل يعتبرون؟

هذه الأهرام تاريخهم 

كيف من تاريخهم لا يستحون؟

3 الردف بالألف: والروى محرك، أي مشبع، فيكون بعده وصل. وعلى هذا يكون في القافية ثلاثة مظاهر: ردف وروى ووصل. ومثال ذلك قول أبي فراس الحمداني معاتبًا سيف الدولة

أمن بعد بذل النفس فيما تريده 

 أثاب بمر العتب حين أثاب؟

فليتك تحلو والحياة مريرة

 وليتك ترضى والأنام غضاب

وليت الذي بيني وبينك عامر 

وبيني وبين العالمين خراب

إذا نلت منك الود فالكل هين

 وكل الذي فوق التراب تراب

 الردف المصحوب بوصل هو هاء ساكنة، أي أن القافية مشتملة على الردف والروى والوصل،

 مثال ذلك قول شاعر معاصر:

ياطيورَ المساء في الروضة الوس 

 نى يحييكِ شاعر تعرفينه

يا طيور المساء قد عاد يستشـ 

 ـفي بلحن المنى فهل تسمعينه؟

رفرفي فوق رأسه وحواليـ 

 ـه، وغني له وأذكي حنينه

إنه كان يصطفيك على الكو

 ن، ويوليك شعره وفنونه

ونلاحظ في هذا المثال أن الردف ياء في الأبيات الثلاثة الأولى، بينما هو واو في البيت الرابع والأخير. فالشاعر هنا قد عاقب بين الياء والواو، وهذا جائز كما أوضحنا من قبل. أما الروي فهو النون، والهاء الساكنة بعدها وصل.

5 الردف المصحوب بوصل وخروج. وذلك عندما تتحرك الهاء فتشبع حركتها وحينئذ تكون القافية مشتملة على ردف، وروي، ووصل، وخروج. مثال ذلك قول شوقي عندما نجا سعد زغلول من الاعتداء على حياته وهو معتزم السفر إلى انجلترا للمفاوضة مع حكومتها على جلاء الانكليز عن مصر:

نجا وتماثل ربانها 

ودق البشائر ركبانها

وهلل في الجو قيدومها 

وكبر في الماء سكانها

تحول عنها الأذى وانثنى 

عباب الخطوب وطوفانها

وقى الأرض شر مقاديرها 

لطيف السماء ورحمانها

ونجى الكنانة من فتنة 

تهددت النيل نيرانها

6 الردف المصحوب بروي هو الهاء، وذلك عندما يكون قبل الهاء التي هي الروي حرف مد. فإذا تحركت الهاء فإشباعها في هذه الحالة وصل ولا خروج في القافية حينئذ.

وقد يكون الردف ألفًا وهاء الروي مفتوحة، فيكون وصلها ألفًا، مثل كلمات: أتاها، جناها، رضاها.
وقد يكون مع ألف الردف ياء وصل عندما تكون هاء الروي مكسورة مثل كلمات: الساهي، اللاهي، الناهي.
كما قد يكون مع ألف الردف واو وصل عندما تكون هاء الروي مضمومة مثل كلمات: يلقاه، يهواه، مرآه، تاهوا.
ومثال الردف بالألف مع روي هو الهاء المفتوحة وبعدها وصل بالألف قول شوقي يصف غواصة:

ودبابة تحت العباب بمكمن

 أمين ترى الساري وليس يراها

هي الحوت أو في الحوت منها مشا

 به فلو كان فولاذًا لكان أخاها

فلا كان بانيها ولا كان ركبها

 ولا كان بحر ضمها وحواها

ومثال الردف بالألف مع روي هو الهاء المكسورة وبعدها وصل بالياء قول الشاعر:

هفا والليل ممتد 

فأيقظ جفني الساهي

ومال علي في صمت 

 فعانق جسمي الواهي

ومثال الردف: بالألف مع روي هو الهاء المضمومة وبعدها وصل بالواو قول شاعر من قصيدة يتحدث فيها عن هجرة الرسول من مكة إلى المدينة:

هاجت على وحيه العلوي شرذمة 

محيرون على أصنامهم تاهوا

راموا خطاه فكان الغار وارتجزت

 حمامتاه وراغ البيد مأواه

وشد أنواله شيخ له نسب  بالوهم

 آخر ما يبنيه ينساه

بنى من الضعف حصنًا، لو تساق له 

 شم المقادير لاندكت لرؤياه

العنكبوت وما أدراك ما صنعت

 يداه.. بأسًا طغاة الأرض تخشاه

7 وكما يكون الردف بواحد من أحرف المد الثلاثة، يكون كذلك بحرف لين، أي بياء أو واو ساكنة مفتوح ما قبلها، وحينئذ يجوز تناوبهما أو تعاقبهما.
فمثال ما يكون الردف فيه حرف لين هو الواو الساكنة المفتوح ما قبلها قول شاعر من قصيدة يصف فيها النسيان:

ما لهذا الضباب يغشى مكاني 

ولهذا السكون يرقد حولي؟

أنا من وحشة الليالي أعاني 

 ما يعاني الغريب من كل هول

ومثال ما يكون الردف فيه حرف لين هو الياء الساكنة المفتوح ما قبلها 

قول الشاعر السابق من قصيدة أخرى عن النسيان:

في شعاب النسيان أفردت وحدي
 
 فعبرت الأيام حيًا كميت

أجد الغدر والجحود من النا
 
 س وألقى الظلام في عقر بيتي

والعذاب الروحي في ليلي الدا

 ئم أورى دمي وأنضب زيتي

فتعال وفي يديك انطلاق 

 من فجاج النسيان إما أتيت

ومثال تعاقب الردف بالواو والياء قول شاعر:

يا أيها الخارج من بيته
 
 وهاربًا من شدة الخوف

ضيفك قد جاء بزاد له 

 فارجع تكن ضيفًا على الضيف

5 التأسيس

والتأسيس: ألف بينها وبين الروي حرف واحد صحيح، وذلك كما في كلمات: حاجب وصاحب وطالب وراكب وصائب.
فالروي هنا الباء قبلها حرف صحيح، وقبل هذا الحرف الصحيح حرف مد هو الألف. فالألف هنا تأسيس.
ومعنى هذا أن الردف لا يجتمع مع التأسيس، فالروي بينه وبين حرف المد حرف صحيح.
فاختلاف موضع حرف المد قبل الروي يتبعه اختلاف اسمه، فإذا كان حرف المد قبل الروي مباشرة فهو ردف، وإذا كان بينه وبين الروي حرف صحيح فهو تأسيس.
وهذا الحرف الصحيح الذي يفصل بين ألف التأسيس والروي يسمى
الدخيل ولا يشترط في الدخيل اتحاد النوع، فأحيانًا يكون راء، أو نونًا، أو صادًا، أو باء أو أي حرف آخر صحيح.
والدخيل ملازم للتأسيس، بمعنى أن وجود أحدهما يستلزم وجود الآخر، وكلاهما لا يجتمع مع الردف.
أما مظاهر القافية التي بعد الروي من وصل وخروج فقد توجد مع التأسيس نحو: مشاعره، منابره بتحريك الهاء. فالراء في هذه الحالة روي والهاء وصل، وحركة الهاء المشبعة خروج، وقد لا توجد مظاهر القافية هذه مع التأسيس نحو: الشاعر، والقادر، بسكون الروي الذي هو الراء هنا.
ومعنى ذلك أنه لا تلازم بين التأسيس والوصل والخروج، كالتلازم الذي بين التأسيس والدخيل.
وجدير بالملاحظة أن الشاعر لا يجوز له متى بدأ قصيدته بكلمة فيها تأسيس أن يترك هذا التأسيس بحال من الأحوال في أي بيت من القصيدة.

مثال التأسيس قول الشاعر القروي:

يا من يحن إلى المرا 

 بع إن رجعت إلى المرابع

مون عيونك ما استطعـ 

 ـت من البحار وأنت راجع

فلسوف يدهشك المصا
 
ب، وسوف تعوزك المدامع

فالعين روي والحرف الصحيح قبلها وهو الباء في البيت الأول، والجيم في البيت الثاني، والميم في البيت الثالث دخيل، والألف التي قبل هذا الحرف الصحيح في الأبيات الثلاثة هي ألف التأسيس.
هذا وقد يجتمع التأسيس والدخيل والروي والوصل والخروج في قافية
واحدة، وذلك إذا ما انتهت الأبيات بكلمات مثل: مطالبه، يراقبه، مكاسبه، تخاطبه بتحريك الهاء مشبعة.
فالألف في هذه الأمثلة تأسيس، والحرف الصحيح بعدها، أي اللام في القافية الأولى، والقاف الثانية، والسين في الثالثة، والطاء في الرابعة، دخيل، والباء روي، والهاء وصل، والإشباع المتولد عن حركة الهاء بعدها خروج.

ومن أمثلة ذلك قول بشارة الخوري، الأخطل الصغير، في رثاء شوقي الشاعر:

قف في ربا الخلد واهتف باسم شاعره 

 فسدرة المنتهى أدنى منابره

وأمسح جبينك بالركن الذي انبلجت 

 أشعة الوحي شعرًا من منائره

إلهة الشعر قامت عن ميامنه
 
 وربة النثر قامت عن مياسره

والحور قصت شذورًا من غدائرها 

 وأرسلتها بديلاً من ستائره

أتراب مريم تلهو في خمائله 

ورهط جبريل يحبو في مقاصره

فالروي هنا هو الراء، والهاء بعدها وصل، وإشباع الهاء بالكسرة خروج، والحروف الصحيحة التي قبل الراء وهي: الباء والهمزة، والسين، والهمزة، والصاد دخيل، والألف التي قبل هذه الحروف تأسيس.

وألف التأسيس قد تكون جزءًا من نفس الكلمة التي في آخر البيت، أو ما هو في حكم ذلك.
فالأول كما في الأبيات السابقة، والثاني كما إذا كان الروي ضميرًا

فمثال الروي الضمير قول الشاعر:

ويوم تمل النفس كل رغيبة 

وتذبل أوراقي وأجفو حياتيا

سأحرق أشعاري وكل خواطري 

 وأخرج منها لا علي ولا ليا

فالروي في كلا البيتين ياء المتكلم التي هي ضمير.
ومثال ما هو جزء من الضمير قول الشاعر:

فإن شئتما ألقحتما أو نتجتما 

وإن شئتما مثلًا بمثل كما هما

فالروي وهو الميم هنا جزء من الضمير هما.

أما إذا كانت الألف من كلمة أخرى سابقة والكلمة التي فيها الروي منفصلة عنها، بمعنى أنها ليست ضميرًا، فلا تسمى هذه الألف تأسيسًا ولا تلزم وذلك كقول الشاعر القروي:

صيامًا إلى أن يفطر السيف بالدم 

 وصمتا إلى أن يصدح الحق يافمي

أفطر وأحرار الحمى في مجاعة 

 وعيد وأبطال الجهاد بمأتم؟

بلادك قدمها على كل ملة 

 ومن أجلها أفطر ومن أجلها صم

القافية المقيدة والمطلقة

إن تقييد القافية وإطلاقها مرتبط بسكون الروي أو حركته. فالقافية المقيدة هي ما كانت ساكنة الروي، سواء أكانت مردفة، كما في كلمات: زمان، حنان، عيون، قرون، مر السنين، مجد الخالدين، أم كانت
خالية من الردف، كما في كلمات: حسن، وطن، محن، بسكون النون.
والقافية المطلقة هي ما كانت متحركة الروي، أي بعد رويها وصل بإشباع كما في كلمات: الأمل والعمل، والبطل بالكسر أو الضم، ومثل الأملا، والعملا، والبطلا بالفتح.
وكذلك من القافية المطلقة ما وصلت بهاء الوصل سواء أكانت ساكنة، أي بلا خروج، أم كانت متحركة، أي ذات خروج.
وبالرجوع إلى ما تقدم من النماذج الشعرية يمكن الاستدلال على أمثلة شتى للقافية المقيدة والمطلقة.

حركات القافية


عرفنا فيما تقدم أن القافية تشتمل على حروف بوضع معين، وعلى حركات بوضع معين كذلك.
والحروف التي تشتمل عليها القافية بوضع معين هي ستة أحرف: الروي، والردف، والتأسيس، والدخيل، والوصل، والخروج. وقد سبق الكلام عن كل منها بالتفصيل.
ولكن الكلام عن القافية لا يكون كاملًا إلا إذا عرفنا حركات هذه الحروف، ذلك لأن حركات القافية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بحروفها في الغالب وهذه الحركات هي:
  1. - المجرى: وهو حركة الروي المطلق، وذلك كفتحة الميم منصاما وكسرة اللام من على الجبل.
  2. النفاذ: وهو حركة هاء الوصل، وذلك كفتحة الهاء في شعارها وضمتها في شعاره وكسرتها في شعاره.
  3.  الحذو: وهو حركة، الحرف الذي قبل الردف، وذلك كفتحة القاف من القاضي وضمة السين من رسول وكسرة الميم من جميل.
  4. الإشباع: وهو حركة الدخيل، وذلك ككسرة للقاف من يعاقبه.
  5. الدس: وهو حركة ما قبل التأسيس، وذلك كفتحة عين المعابد.
  6.  التوجيه: وهو حركة ما قبل الروي المقيد، وذلك كفتحة الراء من العرب بتسكين الباء.
  7. وبالرجوع مرة أخرى إلى النماذج الشعرية التي مرت بنا يمكننا الوقوف على حركات القافية. وتتضح القيمة العلمية لحركات القافية عند الكلام على عيوب القافية.

عيوب القافية

عرفنا مما تقدم أن الشاعر لا بد أن يلتزم في القافية حروفًا معينة وحركات معينة إذا أخل بها وقع في عيب من عيوب القافية. وهذه العيوب كثيرة أهمها أربعة نوضحها فيما يلي:

1- التضمين:


وهو ألا يستقل البيت بمعناه، بل يكون المعنى مجزءًا بين بيتين، وبعبارةأخرى أن يكون البيت الثاني مكملًا للبيت الأول في معناه، وذلك كأن يرد المبتدأ أو الفعل في البيت الأول، ثم يأتي الخبر أو الفاعل أو المفعول به أو ما شابهه في البيت الثاني.
ومثال ما ورد خبر المبتدأ فيه في البيت الثاني 

قول الشاعر القروي:

أي فتاة أو فتى 

 في ذلك المغنى

لا تلزم العنادل الصـ 

 ـمت إذا غنى؟

ومثله قول شاعر آخر، وفيه أتى خبر إن في البيت الثاني:

وهم وردوا الجفار على تميم 

 وهم أصحاب يوم عكاظ، إني

شهدت لهم مواطن صادقات 

 شهدن لهم بحسن الظن مني

2 الإيطاء:


 وهو إعادة كلمة الروي بلفظها ومعناها بعد بيتين أو ثلاثة إلى سبعة أبيات. وهذا يدل على قلة إلمام الشاعر بمفردات اللغة، إذ عليه ألا يكرر ألفاظ القافية. فمما يستحسن في الشعر ألا يكرر الشاعر اللفظ بعينه في مسافة متقاربة، وكلما بعدت المسافة كان أفضل.
3 الإقواء: وهو اختلاف المجرى الذي هو حركة الروي المطلق بكسر وضم. وذلك كقول النابغة الذبياني.

أمن آل مية رائح أو مغتدي 

 عجلان ذا زاد وغير مزود؟

إلى أن يقول.

زعم البوارح أن رحلتنا غدًا

 وبذاك حدثنا الغراب الأسود

لا مرحبًا بغد ولا أهلاً به 

 إن كان تفريق الأحبة في غد

فالروي هنا هو الدال، والمجرى الذي هو حركة الروي المطلق هنا هو الكسرة في جميع أبيات القصيدة عدا البيت المنتهي بكلمة الأسود فمع أن رويه الدال إلا أن مجراه قد اختلف من كسر إلى ضم، ولذلك زعم الرواة أن البيت قد تغير إلى هذا الوضع.

وبذلك تنعاب الغرابِ الأسودِ.

ونظير ذلك قول حسان بن ثابت:

لا بأس بالقوم من طول ومن قصر

 جسم البغال وأحلام العصافيرِ

كأنهم قصب جفت أسافله 

 مثقب نفخت فيه الأعاصيرُ

فالروي هنا الراء غير أن مجراه في البيت الأول الكسرة وفي البيت الثاني الضم.

3 السناد:


 وهو اختلاف ما يراعى قبل الروي من الحروف والحركات.

فالسناد إذن أنواع تبعًا لما قبل الروي من حرف القافية والحركات.

ومن هذه الأنواع سناد التأسيس، وهو أن يسند بيت ويترك آخر. ونجد مثلًا لذلك في قول شاعر معاصر يتهكم بأخت له كثيرة الكلام:

شهيرة يا أختنا الغالية 

 عرفناك ثرثارة لاهية

لسان طويل يداني السحاب 

 وأمطاره الكلم الحامية

وهمسك نسمعه في الطريق 

 كنفاثة فوقنا غادية

إذا نمت حل الهدوء الجميل 

 وإن قمت حلت بنا الداهية

قصدتكم أبتغي راحة 

 فعدت وقد ضاعت العافية

فيا ويح زوجك من رفقة

 يذوق بها العيشة المضنية

فالروي هنا هو الياء وقبلها مد التأسيس في الأبيات الخمسة الأولى، ولكن البيت الأخير خلا من هذا المد قبل الياء، فهو غير مؤسس كالأبيات السابقة.ومن ثم كان في هذه القصيدة عيب هو سناد التأسيس.فسناد التأسيس إذن هو أن يوجد حرف التأسيس في بعض أبيات القصيدة ولا يوجد في البعض الآخر،
 
ومن أمثلة ذلك أيضًا قول الشاعر القروي معبرًا عن حنينه إلى لبنان:

نسيان أمي يا لبنان أهون من
 
 نسيان حبك عندي أو تناسيه

لو كنت عنك إلى الفردوس منتقلًا 

. لخلتني منه في برية التيه

يجل شوقي إلى مرآك عن مثل 

 جلال حسنك عن وصف وتشبيه

فحرف التأسيس وهو الألف قد وجد في كلمة القافية في البيت الأول وهي تناسيه ولم يوجد في كلمة القافية في البيتين الأخيرين وهي التيه في البيت الثاني، وتشبيه في البيت الثالث.

ومن أنواع السناد أيضًا سناد الردف، وهو ردف بيت وترك آخر، مثل:

إذا كنت في حاجة مرسلًا

فأرسل طبيبًا ولا توصه

وإن بات أمر عليك التوى
 
 فشاور لبيبًا ولا تعصه

وينبغي لسلامة القافية أن تخلو من اختلاف الحركة التي قبل الروي فإذا بدأ الشاعر القصيدة بروي حركة الحرف الذي قبله كسرة مثلًا فإنه يحسن أن يلتزم هذه الكسرة قبل الروى، ولكن كثيرًا من الشعراء لا يلتزمون ذلك

ومثاله قول الشاعر القروي:

شمس العروبة عيل صبر المجتلي

 شقي حجابك قبل شق الرمس لي

وتداركي مستعجلًا لو لم يخف
 
 سبق الحمام إليه لم يستعجل

أأرى نهارك قبل إغماض الردى
 
 جفني في ليل الحفير الأليل؟

إن لمحت سناك في غسق الدجى
 
 رغم العصابة والحجاب المسدل

فلقد يرى بالروح شاعر أمة 

 ما لا يرى غير النبي المرسل

فالروي في هذه الأبيات هو اللام والحركة التي قبل الروي في البيت الأول والثاني هي الكسرة، وكان يحسن بالشاعر أن يلتزم هذه الكسرة قبل الروي في جميع الأبيات، ولكنه عدل عن الكسرة إلى الفتحة في بقية الأبيات



المصادر

علم العروض والقافية


المؤلف: عبد العزيز عتيق (ت ١٣٩٦هـ)


الناشر: دار النهضة العربية بيروت







تعليقات