تجويد القرآن: كيف يتألف الكلام
كيف يتألف الكلام؟
الكلام يتالف من هذه الحروف؟ قلت: ائتلافه من أربعة أشياء: من حرف متحرك، وحرف ساكن، ومن حركة، ومن سكون.وذلك يرجع إلى شيئين: حرف ساكن وحرف متحرك، فالحرف المتحرك أكثر في كلام العرب من الساكن [كما أن الحركة أكثر من السكون، وإنما كان المتحرك أكثر من الساكن] لأنك لا تبتدئ إلا بمتحرك، وقد يتصل به حرف آخر متحرك، [وآخر متحرك] ، وآخر بعد ذلك متحرك، ولا يجوز أن تبتدئ بساكن، ولا أن تصل ساكناً بساكن، إلا أن يكون الأول حرف مد ولين أو الثاني سكن للوقف، فلذلك كانت الحركة أكثر من السكون
والحروف :
هي مقاطع تعرض للصوت الخارج مع النفس مبتدأ مستطيلا فتمنعه عن اتصاله بغايته، فحيث ما عرض ذلك المقطع سمي حرفا، وسمي ما يسامته ويحاذيه من الحلق والفم واللسان والشفتين مخرجاً، ولذلك اختلف الصوت باختلاف المخارج واختلاف صفاتها.
والاختلاف هو خاصية حكمة الله تعالى المودعة فينا إذ بها يحصل التفاهم، ولولا ذلك لكان الصوت واحداً بمنزلة أصوات البهائم التي هي من مخرج واحد على صفة واحدة، فلم يتميز الكلام ولا يعلم المراد، فبالاختلاف يعلم وبالاتفاق يعدم.
اشتراك اللغات في الحروف وانفراد بعضها ببعض
فنقول: الحروف التسعة والعشرون المشهورة اشترك لغات العرب ولغات العجم في استعمالها، إلا الظاء المعجمة، فانها للعرب خاصة، انفرد العرب بها دون العجم.
وقيل إن الحاء أيضاً انفردت بها العرب.
قال الأصمعي: ليس في الرومية ولا في الفارسية ثاء، ولا في السريانية ذال.
وكذا ستة أحرف انفردت بكثرة استعمالها العرب، وهي قليلة في لغات العجم، ولا توجد في لغات كثير منهم، وهي العين والصاد والضاد والقاف والظاء والثاء.
وانفردت أيضاً باستعمال الهمزة متوسطة ومتطرفة، ولم تستعمل ذلك العجم إلا في أول الكلام، وليس في لسان اختلاف في لفظ التنوين وقد ذكرنا ألقاب الحروف وصفاتها وتعليل ذلك.
المصادر:-
الكتاب: التمهيد في علم التجويد
المؤلف: شمس الدين أبو الخير ابن الجزري، محمد بن محمد بن يوسف (ت ٨٣٣هـ)
تحقيق: الدكتور على حسين البواب
الناشر: مكتبة المعارف، الرياض
الطبعة: الأولى، ١٤٠٥ هـ - ١٩٨٥ م