عمر بن أبى ربيعةالشاعر النرجسي الكبير

 عمر بن أبى ربيعةالشاعر النرجسي الكبير


 عمر بن أبى ربيعة المخزومىّ، الشاعرالمترف المغرور.

 أغراه الغني وعظم المكانة والمقام وترف العيش والنعمة الحاضرة فكان لا شاغل له إلا مطاردة النساء والتغزل بهن.

 وقد أفرط في تصوير حياته ومدح نفسه حتي جعل النساء هن من تطاردنه فقال:


قلن يسترضينها منيتنا  


 لو أتانا اليوم في سرعمر


بينما يذكرنني ابصرنني 


دون قيد الميل يعدو بي الأغر


قالت الكبري أتعرفن الفتي
 

قالت الوسطي نعم هذا عمر 


قالت الصغري وقد تيمتها 


قد عرفناه وهل يخفي القمر

عمر بن أبى ربيعة



ما هذا الغرور وما هذا الإعجاب بالنفس وماذا أقول عن رجل في صدر الإسلام يتحدث هذا الحديث في ذاك الزمان النوراني حيث الدين غضاً ولاتزال الدنيا مليئة بأصحاب رسول الله والتابعين .

هذا الرجل خارج السياق والسيطرة هذا رجل ظاهره لابد من وقوف علماء النفس أمام هذه الشخصية العجيبة حيث لم يكن الزمان ولا الظروف تسمح بمثل هذا الشكل من التصرف في مثل هذا الوقت لقد أحرق عمر بن أبي ربيعة المراحل  

 هو عمر بن عبد الله بن أبى ربيعة المخزومىّ، من بنى مخزوم.
ويكنى أبا الخطّاب. وأبو جهل بن هشام بن المغيرة ابن عمّ أبيه  وأمّ عمر بن الخطّاب حنتمة بنت هاشم  بن المغيرة ابنة عمّ أبيه. وكان أبوه عبد الله يلقّب بحيرا 
  

 وأخوه الحارث بن عبد الله بن أبى ربيعة يلقّب القباع، وذلك أنه أحدث مكيالا يلقّب القباع فى ولايته بالبصرة، فلقّب به  ، وفيه يقول الفرزدق:


أحارث دارى مرّتين هدمتها 


 وأنت ابن أخت لا تخاف غوائلة


 وله أخ آخر يقال له عبد الرحمن بن عبد الله بن أبى ربيعة، كان أحول، وتزوّج أمّ كلثوم بنت أبى بكر بعد موت طلحة، فولدت له وللحارث عقب، ولا عقب لعمر. وكانت أمّه نصرانية، وهى أمّ إخوته.

 وكان عمر فاسقا-وهذا من العجيب في مثل هذا الوقت حيث ليس من المناسب في صدرالإسلام وجود الفساق-يتعرّض للنساء الحواجّ  ، فى الطواف وغيره من مشاعر الحجّ، ويشبّب بهنّ، فسيره عمر بن عبد العزيز إلى الدّهلك.

وفاةعمر بن أبي ربيعة

ثم ختم له بالشهادة. قال عبد الله بن عمر: فاز عمر بن أبى ربيعة بالدنيا والآخرة.غزا فى البحر فأحرقوا سفينته، فاحترق.


عمر بن أبي ربيعة يتغزل بسكينة بن الحسين



 وكان يشبّب بسكينة، وفيها يقول كذبا عليها :


قالت سكينة والدّموع ذوارف 


 منها على الخدّين والجلباب


ليت المغيرىّ الذى لم نجزه 


 فيما أطال تصيدّى وطلابى


كانت تردّ لنا المنى أيّامه


 إذ لا يلام على هوى وتصابى


خبّرت ما قالت فبتّ كأنّما 


يرمى الحشا بنوافذ النّشّاب


أسكين ما ماء الفرات وطيبه


 منّا على ظمأ وحبّ شراب 


بألذّ منك وإن نأيت، وقلّما 


 ترعى النّساء أمانة الغيّاب

عمر بن أبي ربيعة يتغزل ببنت عبد الملك بن مروان


 وشبّب عمر بن أبى ربيعة  بابنة لعبد الملك بن مروان وهى حاجّة، ولها يقول  :


افعلى بالأسير إحدى ثلاث


 وافهميهنّ ثمّ ردّى جوابى


اقتليه قتلا سريحا مريحا 


 لا تكونى عليه سوط عذاب 


أو أقيدى فإنّما النّفس بالنّف


 س قضاء مفصّلا فى الكتاب


أو صليه وصلا يقرّ عليه 


 إن شرّ الوصال وصل الكذاب 


فى أبيات كثيرة، فأعطت الذى أتاها بالشعر لكلّ بيت عشرة دنانير!.

عمر بن أبي ربيعة يقابل جميل بن معمر


 والتقى عمر بن أبى ربيعة وجميل، فتناشدا، فأنشده عمربن أبى ربيعة:


ولمّا توافينا علمت الذى بها 


 كمثل الذى بى حذوك النّعل بالنّعل 


فقالت وأرخت جانب السّتر: إنّما 


 معى، فتكلّم غير ذى رقبة، أهلى


فقلت لها: ما بى لهم من ترقّب


 ولكنّ سرّى ليس يحمله مثلى


يقول: لا يصلح أن يحمله إلا أنا ولا يصلح أن يحمله غيرى، ومثله فى الكلام: هذا الأمر لا يحمله حامل مثلى. فاستخذى جميل وصاح: هذا والله ما أرادته الشعراء فأخطأته وتعلّلت بوصف الديار.

 ويستحسن له قوله فى المساعدة 


وخلّ كنت عين النّصح منه 


 إذا نطرت ومستمعا سميعا


أطاف بغيّة فنهيت عنها 


 وقلت له: أرى أمرا شنيعا


أردت رشاده جهدى فلمّا 


 أبى وعصى أتيناها جميعا

من أقوي ما قال عمر بن أبي ربيعة


 ويستحسن له قوله فى نحول البدن


رأت رجلا أمّا إذا الشّمس عارضت


 فيضحى وأمّا بالعشىّ فيخصر 


قليلا على ظهر المطيّة شخصه 


 خلا ما نبى عنه الرّداء المحبّر 


وأحسن منه وأعجب ما يقول المجنون فى نحول البدن وهزال الحسم من الهوي وطول السهر:


ألا إنّما غادرت يا أمّ مالك 


 صدى أينما تذهب به الرّيح يذهب 


والله ما أروع وما أحلي وما أجمل. 


وممّن أفرط فى هذا المعنى رجل من الأعراب، قال:


ولو أنّ ما أبقيت منّى معلّق


 بعود ثمام ما تأوّد عودها 


هذا أفرط فجعل وزنه وزن زرزور


ونحوه قول عبيد بن أيّوب العنبرىّ وذكر ناقته :


حملت عليها ما لو انّ حمامة 


 تحمّله طارت به فى الجفاجف 


رحيلا وأقطاعا وأعظم وامق


 برى جسمه طول السّرى والمخاوف 

هذا جعل نفسه قشة في فم طائر لبناء العش


ويستحسن لعمر قوله  :


إنّ لى عند كلّ نفحة ريحا


 ن من الجلّ أو من الياسمينا


التفاتا وروعة لك أرجو


 أن تكونى حللت فيما يلينا


 وحجّ عبد الملك بن مراون فلقيه عمر بن أبى ربيعة بالمدينة؛ فقال له عبد الملك: يا فاسق! قال: بئست تحيّة ابن العم على طول الشّحط  ! قال:

يا فاسق، أما إنّ قريشا لتعلم أنّك أطولها صبوة وأبطؤها توبة، ألست القائل  :


ولولا أن تعنّفنى قريش


 مقال الناصح الأدنى الشّفيق


لقلت إذا التقينا: قبّلينى


 ولو كنّا على ظهر الطّريق


 وكان أخوه الحارث خيّرا عفيفا، فعاتبه يوما من الأيّام، قال عمر:
وكنت يومئذ على ميعاد من الثّريّا، قال: فرحت إلى المسجد مع المغرب، وجاءت الثريا للميعاد  فتجد الحارث مستلقيا على فراشه ، فألقت بنفسها عليه وهى لا تشكّ أنى هو  

 فوثب وقال: من أنت؟ فقالت: الثريا  ، فقال: ما أرى عمر انتفع  بعظتنا! 

قال عمر: وجئت للميعاد ولا أعلم بما كان، فأقبل علىّ وقال: ويلك ، كدنا والله نفتن بعدك، لا والله إن شعرت إلاو [ثريا  صاحبتك واقعة علىّ، فقلت: لا تمسّك النار بعدها أبدا

 فقال: عليك لعنة الله وعليها.


 لمّا تزوّج سهيل بن عبد الرحمن بن عوف الثريّا قال عمر :



أيّها المنكح الثّريّا سهيلا 


 عمرك الله كيف يجتمعان 


هى شأميّة إذا ما استقلّت


 وسهيل إذا استقلّ يمان

ومن أجمل قصائد عمر بن أبي ربيعة هذه القصيدة القصة التي ربما هي من بدايات هذا اللون من القصائد القصصية في لغة بسيطة ليس فيها تكلف ولا مشقة ولا مستغرب من الكلمات- أَمِن آلِ نُعمٍ أَنتَ غادٍ فَمُبكِرُ


عمر بن أبى ربيعة في قصيدة يشرح فيها احدي مغامراته ونزواته التي يصور بها جرأته وقدرته وسطوته علي النساء 



أَمِن آلِ نُعمٍ أَنتَ غادٍ فَمُبكِرُ


غَداةَ غَدٍ أَم رائِحٌ فَمُهَجِّرُ


لِحاجَةِ نَفسٍ لَم تَقُل في جَوابِها


فَتُبلِغَ عُذراً وَالمَقالَةُ تُعذِرُ


تَهيمُ إِلى نُعمٍ فَلا الشَملُ جامِعٌ


وَلا الحَبلُ مَوصولٌ وَلا القَلبُ مُقصِرُ


وَلا قُربُ نُعمٍ إِن دَنَت لكَ نافِعٌ


وَلا نَأيُها يُسلي وَلا أَنتَ تَصبِرُ


وَأُخرى أَتَت مِن دونِ نُعمٍ وَمِثلُها


نَهى ذا النُهى لَو تَرعَوي أَو تُفَكِّرُ


إِذا زُرتُ نُعماً لَم يَزَل ذو قَرابَةٍ


لَها كُلَّما لاقَيتُها يَتَنَمَّرُ


عَزيزٌ عَلَيهِ أَن أُلِمَّ بِبَيتِها


يُسِرُّ لِيَ الشَحناءَ وَالبُغضُ مُظهَرُ


أَلِكني إِلَيها بِالسَلامِ فَإِنَّهُ


يُشَهَّرُ إِلمامي بِها وَيُنَكَّرُ


بِآيَةِ ما قالَت غَداةَ لَقيتُها


بِمَدفَعِ أَكنانٍ أَهَذا المُشَهَّرُ


قِفي فَاِنظُري أَسماءُ هَل تَعرِفينَهُ


أَهَذا المُغيريُّ الَّذي كانَ يُذكَرُ


أَهَذا الَّذي أَطرَيتِ نَعتاً فَلَم أَكُن


وَعَيشِكِ أَنساهُ إِلى يَومِ أُقبَرُ


فَقالَت نَعَم لا شَكَّ غَيَّرَ لَونَهُ


سُرى اللَيلِ يُحيِي نَصَّهُ وَالتَهَجُّرُ


لَئِن كانَ إِيّاهُ لَقَد حالَ بَعدَنا


عَنِ العَهدِ وَالإِنسانُ قَد يَتَغَيَّرُ


رَأَت رَجُلاً أَمّا إِذا الشَمسُ عارَضَت


فَيَضحى وَأَمّا بِالعَشيِّ فَيَخصَرُ


أَخا سَفَرٍ جَوّابَ أَرضٍ تَقاذَفَت


بِهِ فَلَواتٌ فَهوَ أَشعَثُ أَغبَرُ


قَليلاً عَلى ظَهرِ المَطِيَّةِ ظِلُّهُ


سِوى ما نَفى عَنهُ الرِداءُ المُحَبَّرُ


وَأَعجَبَها مِن عَيشِها ظِلُّ غُرفَةٍ


وَرَيّانُ مُلتَفُّ الحَدائِقِ أَخضَرُ


وَوالٍ كَفاها كُلَّ شَيءٍ يَهُمُّها


فَلَيسَت لِشَيءٍ آخِرَ اللَيلِ تَسهَرُ


وَلَيلَةَ ذي دَورانَ جَشَّمتِني السُرى


وَقَد يَجشَمُ الهَولَ المُحِبُّ المُغَرِّرُ


فَبِتُّ رَقيباً لِلرِفاقِ عَلى شَفا


أُحاذِرُ مِنهُم مَن يَطوفُ وَأَنظُرُ


إِلَيهِم مَتى يَستَمكِنُ النَومُ مِنهُمُ


وَلى مَجلِسٌ لَولا اللُبانَةُ أَوعَرُ


وَباتَت قَلوصي بِالعَراءِ وَرَحلُها


لِطارِقِ لَيلٍ أَو لِمَن جاءَ مُعوِرُ


وَبِتُّ أُناجي النَفسَ أَينَ خِباؤُها


وَكَيفَ لِما آتي مِنَ الأَمرِ مَصدَرُ


فَدَلَّ عَلَيها القَلبُ رَيّا عَرَفتُها


لَها وَهَوى النَفسِ الَّذي كادَ يَظهَرُ


فَلَمّا فَقَدتُ الصَوتَ مِنهُم وَأُطفِئَت


مَصابيحُ شُبَّت في العِشاءِ وَأَنوُرُ


وَغابَ قُمَيرٌ كُنتُ أَرجو غُيوبَهُ


وَرَوَّحَ رُعيانُ وَنَوَّمَ سُمَّرُ


وَخُفِّضَ عَنّي النَومُ أَقبَلتُ مِشيَةَ ال


حُبابِ وَرُكني خَشيَةَ الحَيِّ أَزوَرُ


فَحَيَّيتُ إِذ فاجَأتُها فَتَوَلَّهَت


وَكادَت بِمَخفوضِ التَحِيَّةِ تَجهَرُ


وَقالَت وَعَضَّت بِالبَنانِ فَضَحتَني


وَأَنتَ اِمرُؤٌ مَيسورُ أَمرِكَ أَعسَرُ


أَرَيتَكَ إِذ هُنّا عَلَيكَ أَلَم تَخَف


وُقيتَ وَحَولي مِن عَدُوِّكَ حُضَّرُ


فَوَ اللَهِ ما أَدري أَتَعجيلُ حاجَةٍ


سَرَت بِكَ أَم قَد نامَ مَن كُنتَ تَحذَرُ


فَقُلتُ لَها بَل قادَني الشَوقُ وَالهَوى


إِلَيكِ وَما عَينٌ مِنَ الناسِ تَنظُرُ


فَقالَت وَقَد لانَت وَأَفرَخَ رَوعُها


كَلاكَ بِحِفظٍ رَبُّكَ المُتَكَبِّرُ


فَأَنتَ أَبا الخَطّابِ غَيرُ مُدافَعٍ


عَلَيَّ أَميرٌ ما مَكُثتُ مُؤَمَّرُ


فَبِتُّ قَريرَ العَينِ أُعطيتُ حاجَتي


أُقَبِّلُ فاها في الخَلاءِ فَأُكثِرُ


فَيا لَكَ مِن لَيلٍ تَقاصَرَ طولُهُ


وَما كانَ لَيلى قَبلَ ذَلِكَ يَقصُرُ


وَيا لَكَ مِن مَلهىً هُناكَ وَمَجلِس


لَنا لَم يُكَدِّرهُ عَلَينا مُكَدِّرُ


يَمُجُّ ذَكِيَّ المِسكِ مِنها مُفَلَّجٌ


رَقيقُ الحَواشي ذو غُروبٍ مُؤَشَّرُ


تَراهُ إِذا تَفتَرُّ عَنهُ كَأَنَّهُ


حَصى بَرَدٍ أَو أُقحُوانٌ مُنَوِّرُ


وَتَرنو بِعَينَيها إِلَيَّ كَما رَنا


إِلى رَبرَبٍ وَسطَ الخَميلَةِ جُؤذَرُ


فَلَمّا تَقَضّى اللَيلُ إِلّا أَقَلَّهُ


وَكادَت تَوالي نَجمِهِ تَتَغَوَّرُ


أَشارَت بِأَنَّ الحَيَّ قَد حانَ مِنهُمُ


هُبوبٌ وَلَكِن مَوعِدٌ مِنكَ عَزوَرُ


فَما راعَني إِلّا مُنادٍ تَرَحَّلوا


وَقَد لاحَ مَعروفٌ مِنَ الصُبحِ أَشقَرُ


فَلَمّا رَأَت مَن قَد تَنَبَّهَ مِنهُمُ


وَأَيقاظَهُم قالَت أَشِر كَيفَ تَأمُرُ


فَقُلتُ أُباديهِم فَإِمّا أَفوتُهُم


وَإِمّا يَنالُ السَيفُ ثَأراً فَيَثأَرُ


فَقالَت أَتَحقيقاً لِما قالَ كاشِحٌ


عَلَينا وَتَصديقاً لِما كانَ يُؤثَرُ


فَإِن كانَ ما لا بُدَّ مِنهُ فَغَيرُهُ


مِنَ الأَمرِ أَدنى لِلخَفاءِ وَأَستَرُ


أَقُصُّ عَلى أُختَيَّ بِدءَ حَديثِنا


وَما لِيَ مِن أَن تَعلَما مُتَأَخَّرُ


لَعَلَّهُما أَن تَطلُبا لَكَ مَخرَجاً


وَأَن تَرحُبا صَدراً بِما كُنتُ أَحصُرُ


فَقامَت كَئيباً لَيسَ في وَجهِها دَمٌ


مِنَ الحُزنِ تُذري عَبرَةً تَتَحَدَّرُ


فَقامَت إِلَيها حُرَّتانِ عَلَيهِما


كِساءانِ مِن خَزٍّ دِمَقسٌ وَأَخضَرُ


فَقالَت لِأُختَيها أَعينا عَلى فَتىً


أَتى زائِراً وَالأَمرُ لِلأَمرِ يُقدَرُ


فَأَقبَلَتا فَاِرتاعَتا ثُمَّ قالَتا


أَقِلّي عَلَيكِ اللَومَ فَالخَطبُ أَيسَرُ


فَقالَت لَها الصُغرى سَأُعطيهِ مِطرَفي


وَدَرعي وَهَذا البُردُ إِن كانَ يَحذَرِ


يَقومُ فَيَمشي بَينَنا مُتَنَكِّراً


فَلا سِرُّنا يَفشو وَلا هُوَ يَظهَرُ


فَكانَ مِجَنّي دونَ مَن كُنتُ أَتَّقي


ثَلاثُ شُخوصٍ كاعِبانِ وَمُعصِرُ


فَلَمّا أَجَزنا ساحَةَ الحَيِّ قُلنَ لي


أَلَم تَتَّقِ الأَعداءَ وَاللَيلُ مُقمِرُ


وَقُلنَ أَهَذا دَأبُكَ الدَهرَ سادِراً


أَما تَستَحي أَو تَرعَوي أَو تُفَكِّرُ


إِذا جِئتِ فَاِمنَح طَرفَ عَينَيكَ غَيرَنا


لِكَي يَحسِبوا أَنَّ الهَوى حَيثُ تَنظُرُ


فَآخِرُ عَهدٍ لي بِها حينَ أَعرَضَت


وَلاحَ لَها خَدُّ نَقِيٌّ وَمَحجَرُ


سِوى أَنَّني قَد قُلتُ يا نُعمُ قَولَةً


لَها وَالعِتاقُ الأَرحَبيّاتُ تُزجَرُ


هَنيئاً لِأَهلِ العامِرِيَّةِ نَشرُها ال


لَذيذُ وَرَيّاها الَّذي أَتَذَكَّرُ


وَقُمتُ إِلى عَنسٍ تَخَوَّنَ نَيَّها


سُرى اللَيلِ حَتّى لَحمُها مُتَحَسِّرُ


وَحَبسي عَلى الحاجاتِ حَتّى كَأَنَّها


بَقِيَّةُ لَوحٍ أَو شِجارٌ مُؤَسَّرُ


وَماءٍ بِمَوماءٍ قَليلٍ أَنيسُهُ


بَسابِسَ لَم يَحدُث بِهِ الصَيفَ مَحضَرُ


بِهِ مُبتَنىً لِلعَنكَبوتِ كَأَنَّهُ


عَلى طَرَفِ الأَرجاءِ خامٌ مُنَشَّرُ


وَرِدتُ وَما أَدري أَما بَعدَ مَورِدي


مِنَ اللَيلِ أَم ما قَد مَضى مِنهُ أَكثَرُ


فَقُمتُ إِلى مِغلاةِ أَرضٍ كَأَنَّها


إِذا اِلتَفَتَت مَجنونَةٌ حينَ تَنظُرُ


تُنازِعُني حِرصاً عَلى الماءِ رَأسَها


وَمِن دونِ ما تَهوى قَليبٌ مُعَوَّرُ


مُحاوِلَةً لِلماءِ لَولا زِمامُها


وَجَذبي لَها كادَت مِراراً تَكَسَّرُ


فَلَمّا رَأَيتُ الضَرَّ مِنها وَأَنَّني


بِبَلدَةِ أَرضٍ لَيسَ فيها مُعَصَّرُ


قَصَرتُ لَها مِن جانِبِ الحَوضِ مُنشَأً


جَديداً كَقابِ الشِبرِ أَو هُوَ أَصغَرُ


إِذا شَرَعَت فيهِ فَلَيسَ لِمُلتَقى


مَشافِرِها مِنهُ قِدى الكَفِّ مُسأَرُ


وَلا دَلوَ إِلّا القَعبُ كانَ رِشاءَهُ


إِلى الماءِ نِسعٌ وَالأَديمُ المُضَفَّرُ


فَسافَت وَما عافَت وَما رَدَّ شُربَها


عَنِ الرَيِّ مَطروقٌ مِنَ الماءِ أَكدَرُ



 إذا هو عمر بن أبى ربيعة المخزومىّ، من بنى مخزوم.
ويكنى أبا الخطّاب. وأبو جهل بن هشام بن المغيرة ابن عمّ أبيه  وأمّ عمر بن الخطّاب حنتمة بنت هاشم  بن المغيرة ابنة عمّ أبيه. وكان أبوه عبد الله يلقّب بحيرا 




المصادر


طبقات فحول الشعراء 






حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-