قراءات في الرؤيا والأحلام


قراءات في الرؤيا والأحلام 



الرؤيا والحلم عبارة عمّا يراه النائم في نومه من الأشياء ، لكن غلبت الرؤيا على مـايراه النائم من الخير والشيء الحسن .

الرؤيا  حالة شريفة ومنزلة رفيعة ، فقد جاء في الحديث الـذي رواه أحمـد والترمـذي عـن أبـي الـدرداء، وابـن جريـر عـن عبـادة بـن الصـامت رضـي الله عنـه أن سـأل رسـول الله  فقـال : يـا رسـول الله أ أريـت قولـه تعـالى:" لهـم البشـرى فـي الحيـاة الدنيا وفي الآخرة " فقال : " لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أمتـي أو قـال أحـد قبلك ، تلك الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو تُـرى له " 



تفسيرالرؤي والأحلام




 درجات الناس عموماً بالنسبة للرؤى


  1.  الأنبياء ورؤياهم كلها صدق ، وقد يقع فيها ما يحتاج إلى تعبير
  2.  والصـالحون والأغلـب علـى رؤيـاهم الصـدق ، وقـد يقـع فيهـا مـالا يحتـاج إلـى التعبيـر وإذا حصل خطأ في تأويلها لم تقع كما أوّلت
  3.  ومن عداهم يقع في رؤياهم الصدق والأضغاث ، وهي ثلاثة أقسام:

درحات الناس العاديون للرؤي

  1. - مستورون فالغالب استواء الحال في حقهم
  2. - وفسقة والغالب على رؤياهم الأضغاث ، ويقلّ فيها الصدق
  3. - وكفار ويندر في رؤياهم الصدق جدا

ويشير إلى ذلك قوله :" وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا" 



 سورة يوسف أصل في تعبير الرؤى


إن سـورة يوسـف أصـل لتعبيـر الرؤيـا، فـان علـم التعبيـر مـن العلـوم المهمـة التـي يعطيهـا الله لمـن يشـاء مـن عبـاده.

 وإن أغلـب مـا تبنـى عليـه المناسـبة والمشـابهة فـي الاسـم والصـفة، فـإن رؤيـا يوسـف التـي أرى الشـمس والقمـر وأحـد عشـر كوكبـا لـه سـاجدين .

 وجـه المناسـبة فيهـا أن هـذه الأنـوار هـي زينـة السـماء وجمالهـا، وبهـا منافعهـا، فكـذلك الأنبيـاء) أو الصـالحون( والعلمـاء زينـة لـمرض وجمـال ، وبهـم يهتـدى فـي الظلمـات ، كمـا يهتـدى بهـذه الأنوار ، ولأن الأصل أبوه وأمه ،وإخوته هم الفرع، فمن المناسب أن يكون الأصل أعظم نوار وجرما، لما هو فرع عنه، ولذلك كانت الشمس أمه ، والقمر أباه ، والكواكب إخوته.



ومن المناسبة أن الشمس لفظ مؤنث ، فلذلك كانت أمـه ) أو خالتـه( ، والقمـر والكواكـب مـذكرات، فكانـت لأبيـه واخوتـه ، ومـن المناسـبة أن السـاجد معظـم محتـرم للمسـجود لـه ،والمسجود لـه معظـم محتـرم ، فلـذلك دل ذلـك علـى أن يوسـف يكـون معظمـا محترمـا عنـد أبيـه واخوته.

 الرؤيا في حق الأنبياء وحي



إن الرؤيا الصادقة من الله وهي البقية الباقية من معاني النبوة، والرؤيا في حـق الأنبيـاء وحي. قال  : "الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان " وقال ابن عباس : " رؤيا الأنبياء وحي".

والتصديق بها حق ولها التأويل الحسن ، وفيهـا مـن بـديع الله ولطفـه بـالمؤمن مـا يزيـد فـي إيمانه، ولا خلاف في هذا بين أهل الدين والحق.



الرؤيا في حق الصالحين بشارة ورفعة


والمشـهور الـذي تعاضـدت فيـه الروايـات أن" الرؤيـا الصـالحة جـزء مـن سـتة وأربعـين جـزءاً مـن النبـوة " ، ووجـه ذلـك عنـد جمـع ، أنـه بقـي حسـبما أشـارت عائشـة رضـي الله تعـالى عنهـا سـتة أشـهر يـرى الـوحي منامـاً ثـم جـاءه الملـك يقظـة ، وسـتة أشـهر بالنسـبة للثلاث وعشرين سنة جزء من ست وأربعين جزءاً.

وذكر الحافظ العسقلاني أن كون الرؤيا الصادقة جزء من كذا من النبوة إنما هـو باعتبـار صدقها لا غير ، وإلا لساغ لصاحبها أن يسمى نبياً وليس كذلك.

وقـد ورد فـي بعـض الروايـات مـا فيـه مخالفـة لمـا فـي هـذه الروايـة مـن عـدة أجـزاء، ولعـل المقصود من كل ذلك على ما قيل: مدح الرؤيا الصـادقة والتنويـه برفعـة شـأنها لا خصوصـية العدد ولا حقيقة الجزئية.

 لماذا ابتدأت قصة يوسف برؤيا ؟


إن ابتداء قصة يوسف عليه السلام ، بذكر رؤيـاه إشـارة إلـى أن الله هيّـأ نفسـه للنبـوة فابتدأه بالرؤيا الصادقة ، وفي ذلك تمهيد للمقصود من القصة، وهو تقرير فضل يوسف عليه السلام من طهارة وزكاء نفس وصبر.

فذكر هذه الرؤيا في صدر القصة كالمقدمة والتمهيد للقصة المقصودة.

وجعل الله تلك الرؤيا تنبيها ليوسف عليه السلام بعلو شـأنه ليتـذكرها كلمـا حلـت بـه ضـائقة فتطمئن بها نفسه أن عاقبته طيبة. 



من دلالات فعل " أرى " : الرؤية الروحية


كمـا أشـرنا إليـه فائـدة سـابقة ، فـان السـورة تبـدأ فـي اسـتعمال ألفـاظ ذات دلالات مختلفة ، فهنا الفعل) أرى( يقصد به الرؤية الروحية في الحلم ولا يكـون ذلـك بـالعين المجـردة بل بالدماغ أو العقل الباطن إن شئت.

وورود الفعـل بصـيغة الماضـي يـوحي لنـا بـأن يوسـف عليـه السـلام إنمـا أرى هـذه الرؤيـا مـرة واحدة فحسب ، ولعل ذلك لطفا به لصغر سنه ورهافة حسه.



 ما حال الرؤيا في بيت يعقوب عليه السلام ؟


 الحديث رواه البخاري ، وفي رواية :" رؤيـا المـؤمن جـزء مـن سـتة وأربعـين جـزءا مـن النبـوة ": أخرجـه البخارى .


كـانوا يعـدّون الرؤيـا مـن طـرق الإنبـاء بالغيـب ،إذا سـلمت مـن الاخـتلاط وكـان مـزأج الرائي غير منحرف ولا مضطرب، وكان الرائي قد اعتاد وقوع تأويل رؤياه ، وهو شـيء ورثـوه مـن صـفاء نفـوس أسـلافهم إبـراهيم وإسـحاق علـيهم السـلام ، فقـد كـانوا آل بيـت نبـوءة وصـفاء سريرة.

ولما كانت رؤيا الأنبياء وحيا، وقـد أرى إبـراهيم عليـه السـلام فـي المنـام أنّـه يـذبح ولـده فلمـا أخبره " قال يا أبت افعل ما تؤمر" .

 وإلى ذلك يشـير قـول يعقـوب عليـه السـلام :" ويـتم نعمتـه عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك مـن قبـل إبـراهيم وإسـحاق " . فـلا جـرم أن تكـون مرائي أبنائهم مكاشفة وحديثا ملكيا . والاعتداد بالرؤيا من قديم أمور النبوة .

 علم تعبير الرؤيا


علم تعبير الرؤيا هـو علـم يعـرف بـه تفسـير مـا يقـع فـي النـوم ، ومنفعتـه البشـرى بمـا يـرد مـن خيـر والإيـذان بمـا يقـع مـن شـر ، والإطـلاع علـى مـا غـاب . ولا بـد فـي المعبـر مـن فطنـة وفراسـة وصـلاح لأنـه يعّبـر حـال النـائم ، وحـال الوقـت ، وغيـر ذلـك . وفـي الحـديث:

"الرؤيا لأول عابر "

وقد خصّ النبي من ذلك بأمر لم يشاركه فيه غيره ، ويليه الصدّيق رضي الله عنه .





المصادر 

كتاب عادل أكتوف 

عجائب فريدة في سورة يوسف




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-