ثلاثية القمصان في سورة يوسف

ثلاثية القمصان في سورة يوسف


جاء ذكر القمصان في سورة يوسف ثلاث مرات الأولي  قميص الذئب عندما جاء أخوة يوسف بقميصه ملطخ بالدم الكذب وقالوا لأبيهم إن يوسف قد أكله الذئب ، الثانية قميص المطاردة حين راودت امرأة العزيز يوسف عن نفسه فامتنع منها وهرب ،والثالثة قميص العافية حين رد الله بصر يعقوب بعد ان أُلقي عليه قميص يوسف .


ثلاث قمصان في سورة يوسف

قميص الذئب 

يحكي القرآن أن أخوة يوسف بعد أن نفذوا جريمتهم وتخلصوا من يوسف بالقائه في الجب  جاءوا إلي أبيهم يبكون وهم يحملون قميص يوسف عليه دماء مزيفة وادعو أن الذئب قد أكل يوسف.

 أرادوا أن يلصقوا التهمة بالذئب ألصقوا التهمة بحيوان برئ لم يعلم بيوسف ولم يدرعنه شيئاً.

 ومن الطريف أن من دلهم علي هذه التخريجة هو أبوهم نفسه حين قال لهم (وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون ).

فهم لم يكلفوا أنفسهم مشقة البحث عن كذبة أو حيلة جديدة  بل مشوا وراء ما قال لهم أبوهم  وكأنهم يقولون: إن حدسك صائب وإن ما حذرت منه وقع .

وهنا يجب أن نذكر أن سيدنا يعقوب عليه السلام المتصل بربه وهو علي علم عظيم بما يوحي إليه ربه فقد قال  في موضع آخرمن السورة :(وأعلم من الله ما لا تعلمون) يعلم ان القصة كاذبة، وقد سمع من يوسف الرؤيا الشهيرة (يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ).

فيعقوب يعلم أن الله لا بد أن ينجز وعده ليوسف ولا بد أن تتحقق الرؤيا وأن يوسف لم يمت وان يوسف ينتظره أمر عظيم -هذا يقين لا يرقي إليه شك- ولكنه علم أن الرؤيا وتحقيقها لابد لها من ابتلاء وجهاد حتي تتحقق.

 فاعرض عن أولادة والتزم الصبر حتي يقضي الله أمراً كان مفعولا.

قال :(بل سولت لكم أنفسكم أمراً فصبرُُِ جميل والله المستعان علي ما تصفون ).

وحين يقول الله سبحانه وتعالي :(وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم) لايجب أن نفهم أن يعقوب عليه السلام قد حزن أو أنه تفجع بهلاك يوسف ولكن حزنه كان من مفارقة ابنه الحبيب الأثير.

قميص  المطاردة

حين وصل الرسول الكريم يوسف بن يعقوب مصر وكان علي قدر كبير من الجمال والبهاء وكان عند امرأة العزيز كربيب ليس كولد وليس كخادم ولما بلغ مبلغ الرجال وازدهي وظهرت عليه كل علامات القوة والفتوة كما يليق بنبي كريم.

 لم تستطع امرأة العزيز أن تقاوم هذه الفتنة وهذه الرجولة الكاملة فراودته عن نفسه ولكن هي لا تعلم من هذا كل ماتعرفه انه شاب وسيم صاحب جاذبية لا تقاوم .

ولكن يوسف يعرف من هو ولأي مهمة قد اختاره ربه  فامتنع عليها ولم يسع فيما تريد وجاهدها بكل ما أوتي من قوة .

حتي إذا جاء يوم غلبتها شهوتها وطار عقلها وقررت أن لابد ان تحصل علي ماتريد .

دخلت علي يوسف وقد تزينت  وتسلحت بكل ما تعرف الأنثي من أدوات الإغراء وتحرزت من تلصص العيون فصرفت الخدم جانباً وكما يقول الله في القرآن (وغلقت الأبواب وقالت هيت لك ).

لم تترك مايسبب لها أو له أي ازعاج أومايسب لهما ضيق أو حرج حتي تنعم بلقاء دافئ مع هذا الحبيب العصي.

 قالت: أنا لك خذ مني كل ماتريد فابسط يدك وانعم بما تري خذ مايكفيك مما عندي واعطني من هذا الذي عندك الذي ليس عند أحد نصفه ولا ربعه ولا أقل من ذلك فإني قد عزمت أمري ولا بد لي من أحصل علي ما أريد 

 ولكن هيهات قال يوسف اتق الله أنت حليلة رجل أكرمني ولا يكون هذا جراؤه مني أن هذا لايرضي الله رب العالمين.

ولكن كانت شهوتها ورغبتها قد غلبت عليها ولم تعد تري إلا ماتريد وحين رأي يوسف تحفزها  فر من أمامها هارباً.

 فانطلقت في سباق خلفة وأدركت القميص فامسكته فأحدثت به تمزقا (وقدت قميصه من دبر).

أحدثت هذه المطاردة جلبة سمع بها من في الخارج فلما وصل يوسف الكريم إلي الباب وفتحه وجد العزيز قائماً.

لم تتأخر في الصاق التهمة به حين رات انكشاف أمرها وتبجحت  وقالت :انظر من اعتدي علي أهلك كيف تصنع به ؟

تعجب يوسف من جرأتها علي الكذب فالخيّرون لايكادون يصدقون أن أحداً يجرؤ علي الإثم .

قال يوسف :هي تكذب هي فعلت ولم أفعل واشتعل الموقف في حضور العزيز ومن في القصر وكل يدعي صدقه و كذب صاحبه وفي مثل هذه الظروف تكون الغلبة دائما لسيدة القصر 

ولكن تتدخل قدرة الله العليم الحليم  وينطق طفل رضيع من أقارب زوجة العزيز ليحسم الخلاف (إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين )

هنا ظهر الحق الذي لاجدال فيه وجدوا القميص قد من دبر وتأكدوا من براءة يوسف .

قميص العافية 

بقي النبي يعقوب سنوات ينتظر عودة ابنه الحبيب وطال عليه الانتظار وتدهورت صحته وغابت عيناه وبقي في هم عظيم.
 
ومازاد الطين بلة فقدانه ابنه الثاني بعد أن دبر يوسف أمراً واحتجز أخيه في قصة اختفاء صواع الملك كانت حيلة من يوسف ليبقي أخيه عنده .

رجع أخوة يوسف إلي أبيهم قالوا ( إن ابنك سرق وماشهدنا إلا بماعلمنا وما كنا للغيب حافظين ) يعتذرون إلي أبيهم عن فقد بنيامين ويحملون بنيامين المسؤلية لأنه هو من خالف التعليمات ولا ذنب لنا في ذلك  ولكن أبوهم يعلم ان هذه علامة لقرب رجوع يوسف.

طلب منهم النبي يعقوب أن يذهبوا فيبحثو عن يوسف وأخيه فهو يعلم من الله ما لا يعلمون .

قالوا مال هذا الشيخ بعد كل هذه السنين مازال يذكر يوسف ويظن أنه عائد أن هذا الرجل قد أصابه هذيان كبار السن .

ولكن كان لابد لهم من العودة إلي مصر لجلب الحبوب إلي أهلهم فهذا ملجأهم الوحيد 
ذهبوا إلي الرجل الصالح الذي حدثهم  بلطف ومودة .

قال ألستم من فعل كذا وكذا بأخيهم  هنا هالتهم المفاجأة كيف لهذا الغريب أن يعرف هذا السر الدفين  لا يعلم بهذا إلا نحن ويوسف نفسه. 

هنا استفاقو ورتبوا الأحداث وربطوا المعطيات وقالوا (أئنك لأنت يوسف)عرفوا يوسف وتعجبوا مما وصل إليه وقالوا أن الله فضلك علينا ولم ننتفع بما فعلنا فسامحنا واستغر لنا .

قال لهم يوسف يغفر الله لكم . ماحال أبيكم قالوا في أشر حال لم ينسك ساعة من نهار ولا ليل ولم يكف عن البكاء مذ فارقته  ودائما يذكرك ودائما في انتظارك .

قال لهم يوسف خذوا قميصي فالقوه علي وجه أبي يأت بصيراً معافي ،وكذلك كان قميص يوسف قميص العافية ليعقوب 









المصادر 

القرآن الكريم 





حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-