القطع والقصائد في الشعرالعربي


 القطع والقصائد في الشعرالعربي


تتفاوت القصائد من حيث الطول فمنها البيت والبيتين وما دون السبعة وتسمي القطعة وما زاد عن سبعة ابيات فهي القصيدة .

والقصائد تتفاوت من حيث الطول أيضا فمنها السبعة إلي العشرة والعشرين ومنها المطولات ومنها مايزيد علي مائة بيت من الشعر.


تتفاوت القصائد من حيث الطول فمنها البيت والبيتين وما دون السبعة وتسمي القطعة وما زاد عن سبعة ابيات فهي القصيدة .



 سئل أبو عمرو بن العلاء: هل كانت العرب تطيل؟ فقال: نعم ليسمع منها، قيل: فهل كانت توجز؟ قال: نعم ليحفظ عنها.

 قال: وقال الخليل بن أحمد: يطول الكلام ويكثر ليفهم، ويوجز ويختصر ليحفظ.

 وتستحب الإطالة عند الإعذار، والإنذار، والترهيب، والترغيب، والإصلاح بين القبائل، كما فعل زهير، والحارث بن حلزة، ومن شاكلهما، وإلا فالقطع أطير في بعض المواضع، والطوال للمواقف المشهورات..

ويحكى أن الفرزدق لما وقع بينه وبين جرير ما وقع وحكم بينهما قال بعض الحكام: الفرزدق أشعر؛ لأنه أقواهما أسر كلام، وأجراهما في أساليب الشعر، وأقدرهما على تطويل، وأحسنهما قطعاً، فقدم بالقطع كما ترى.

وقال بعض العلماء: يحتاج الشاعر إلى القطع حاجته إلى الطوال، بل هو عند المحاضرات والمنازعات والتمثل والملح أحوج إليها منه إلى الطوال.

وقال أحد المجودين، وهو محمد بن حازم الباهلي

أبى لي أن أطيل المدح قصدي

 إلى المعنى وعلمي بالصواب

وإيجازي بمختصرٍ قصيرٍ

 حذفت به الطويل من الجواب

وقيل لابن الزبعري: إنك تقصر أشعارك، فقال: لأن القصار أولج في المسامع، وأجول في المحافل، وقال مرة أخرى: يكفيك من الشعر غرة لائحة، وسبة فاضحة.

وقيل للجماز: لم لا تطيل الشعر؟ فقال: لحذفي الفضول. وقال له بعض المحدثين وقد أنشده بيتين: ما تزيد على البيت والبيتين؟ فقال: أردت أن أنشدك مذارعة، وهو القائل:

أقول بيتاً واحداً وأكتفي

 بذكره من دون أبيات

وقيل مثل ذلك لعقيل بن علفة، فقال: يكفيك من القلادة ما أحاط بالعنق.

وقال الجاحظ: قيل لأبي المهوس: لم لا تطيل الهجاء؟ فقال: لم أجد المثل السائر إلا بيتاً واحداً.

وهجا محمد بن عبد الملك الزيات أحمد بن أبي دؤاد بتسعين بيتاً، فقال ابن أبي دؤاد يخاطبه:

أحسن من تسعين بيتاً سدىً 

 جمعك معناهن في بيت

ما أحوج الملك إلى مطرة 

 تغسل عنه وضر الزيت


غير أن المطيل من الشعراء أهيب في النفوس من الموجز وإن أجاد، علىأن للموجز من فضل الاختصار ما ينكره المطيل، ولكن إذا كان صاحب القصائد دون صاحب القطع بدرجة أو نحوها وكان صاحب القطع لا يقدر على التطويل إن حاوله بتةً سوي بينهما؛ لفضل غير المجهود على المجهود، فإنا لا نشك أن المطول إن شاء جرد من قصيدته قطعة أبيات جيدة، ولا يقدر الآخر أن يمد من أبياته التي هي قطعة قصيدة.

ولام قوم الكميت على الإطالة فقال: أنا على الإقصار أقدر، هكذا جاءت الدواية، ولا تكاد ترى مقطعاً إلا عاجزاً عن التطويل، والمقصد أيضاً قد يعجز عن الاختصار، ولكن الغالب والأكثر أن يكون قادراً على ما حاوله من ذلك وبالعجز رمى الكميت.

وكان عبد الكريم بهذه الصفة، لا يكاد يصنع مقطوعاً، ولا أظن في جميع أشعاره خمس قطع أو نحوها.

وكان أبو تمام على جلالته وتقدمه مقصراً في القطع عن رتبة القصائد..

شعراء مشهورون بالقطع

والمشهورون بجودة القطع من المولدين: بشار بن برد، وعباس بن الأحنف، والحسن بن الضحاك، وأبو نواس، وأبو علي البصير، وعلي بن الجهم، وابن المعذل، والجماز، وابن المعتز.

وكانوا يقولون في زمان منصور الفقيه وهو قريب من عصرنا هذا: إياكم ومنصوراً إذا رمح بالزوج، وكان ربما هجا بالبيت الواحد.

ووصف عبد الكريم أبا الطيب؛ فزعم أنه أحسن الناس مقاطيع، ولو قال مقاطع بلا ياء قلنا صدقت ولم نخالفه.

ما عدد أبيات القصيدة؟

وقيل: إذا بلغت الأبيات سبعة فهي قصيدة، ولهذا كان الإيطاء بعد سبعة غير معيب عند أحد من الناس 

 ومن الناس من لا يعد القصيدة إلا ما بلغ العشرة وجاوزها ولو ببيت واحد.. ويستحسنون أن تكون القصيدة وتراً، وأن يتجاوز بها العقد، أو توقف دونه؛ كل ذلك ليدلوا على قلة الكلفة، وإلقاء البال بالشعر.

تطور الشعر العربي

وزعم الرواة أن الشعر كله إنما كان رجزاً وقطعاً، وأنه إنما قصد على عهد هاشم بن عبد مناف، وكان أول من قصده مهلهل وامرؤ القيس، وبينهما وبين مجيء الإسلام مائة ونيف وخمسون سنة. وذكر ذلك الجمحي وغيره.

وأول من طول الرجز وجعله كالقصيد الأغلب العجلي شيئاً يسيراً، وكان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أتى العجاج بعد فافتن فيه؛ فالأغلب العجلي والعجاج في الرجز كامرئ القيس ومهلهل في القصيد.

الشاعر المتكامل

والشاعر إذا قطع وقصد ورجز فهو الكامل؛ وقد جمع ذلك كله الفرزدق، ومن المحدثين أبو نواس، وكان ابن الرومي يقصد فيجيد، ويطيل فيأتي بكل إحسان، وربما تجاوز حتى يسرف، وخير الأمور أوساطها.. وهو القائل:

وإذا امرؤ مدح امرأ لنواله

 فأطال فيه فقد أراد هجاءه

لو لم يقدر فيه بعد المستقى 

عند الورود لما أطال رشاءه





المصادر

الكتاب: العمدة في محاسن الشعر وآدابه

المؤلف: أبو على الحسن بن رشيق القيرواني الأزدي (ت ٤٦٣ هـ)

المحقق: محمد محيي الدين عبد الحميد

الناشر: دار الجيل






حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-