أَلا لَيتَ رَيعانَ الشَبابِ جَديدُ-جميل بن معمر

أَلا لَيتَ رَيعانَ الشَبابِ جَديدُ-جميل بن معمر


وزن قصيدة أَلا لَيتَ رَيعانَ الشَبابِ جَديدُ:من البحر الطويل للشاعر أَلا لَيتَ رَيعانَ الشَباب جَديدُ.

أَلا لَيتَ رَيعانَ الشَبابِ جَديدُ قصيدة جميل بن معمر من البحر الطويلوهو أحد شعراء العصر الاموي وهي من الشعر العمودي علي القافية الدال تسمي دالية جميل



لعل حياة جميل أوضح حياة بين الشعراء العذريين، فقد نشأ فى منازل عذرة بوادى القرى، وأخذ يختلف إلى المدينة، وربما إلى مكة.

 فقد كان يلقى ابن أبى ربيعة كثيرا ويتناشدان الشعر، ويقال إنه حدا يوما بمروان بن الحكم. ويظهر أنه كان يتصل ببنى أمية كثيرا، ففى أخباره أنه رحل إلى عبد العزيز بن مروان بمصر ولقيه لقاء كريما.

وكان كثيّر عزّة راوية له. وشعره لذلك أوثق شعر العذريين، وفى أخباره أنه تلقن الشعر عن هدبة بن الخشرم تلميذ الحطيئة.

 ونعرف أن الحطيئة تلميذ زهير، وكأنه يمتّ بأسباب قوية إلى هذه المدرسة التى كانت تعنى بصقل الشعر وتجويده. ونجد له أخبارا أخرى تتصل بتهاجيه مع بعض الشعراء الحجازيين مثل الحزين الكنانى.

نحن إذن أمام شاعر واضح الشخصية، عنى الرواة والناس بأشعاره، كما عنى بها مغنو المدينة ومكة، وهى أشعار يمضى جمهورها فى التغنى ببثينة معشوقته، إحدى نساء قبيلته، تحابّا صغيرين، ولم تلبث أن ألهمته الشعر، إذ أحبها حبّا انتهى به إلى الهيام بها.

 وعرفت ذلك فمنحته حبها وعطفها، وأخذت تلتقى به حين شبّا فى غفلات من قومهما، وخشى أهلها مغبة هذا اللقاء، فضيّقوا عليها الخناق، على الرغم مما عرفوا من أن الحب بينها وبين جميل حب نقى برئ.

وأخذت الألسنة فى الحى لا تكفّ عن التعريض بالمتحابين، فهجرته، واحتجبت من دونه راغمة، وهو على ذلك لا يسلوها، يقول:

وإنى لأرضى من بثينة بالذى

 لو ابصره الواشى لقرّت بلابله 


بلا وبأن لا أستطيع وبالمنى 


وبالأمل المرجوّ قد خاب آمله


وبالنظرة العجلى وبالحول تنقضى


 أواخره لا نلتقى وأوائله


وكانت تلتمس فرصة من أهلها أحيانا فتلقاه، فتشرق الدنيا فى عينه، ويسعد سعادة لا حد لها. وخطبها من أبيها فردّه، لكراهة العرب أن يزوّجوا فتياتهم ممن يتغزلون بهم.

 هكذا تزعم القصة! . ويزوجها أبوها من فتى فى القبيلة يسمى نبيها، فتسودّ الدنيا فى عين جميل، ويلتاع لوعة شديدة، ويصبح حبها كل حياته، فهو يملك عليه كل شئ، ويأخذ عليه كل طريق.




أَلا لَيتَ رَيعانَ الشَبابِ جَديدُ

وَدَهراً تَوَلّى يا بُثَينَ يَعودُ

فَنَبقى كَما كُنّا نَكونُ وَأَنتُمُ

قَريبٌ وَإِذ ما تَبذُلينَ زَهيدُ

وَما أَنسَ مِنَ الأَشياءِ لا أَنسَ قَولَها

وَقَد قُرِّبَت نَضوي أَمِصرَ تُريدُ

وَلا قَولَها لَولا العُيونُ الَّتي تَرى

لَزُرتُكَ فَاِعذُرني فَدَتكَ جُدودُ

خَليلَيَّ ما أَلقى مِنَ الوَجدِ باطِنٌ

وَدَمعي بِما أُخفي الغَداةَ شَهيدُ

أَلا قَد أَرى وَاللَهِ أَن رُبَّ عُبرَةٍ

إِذا الدار شَطَّت بَينَنا سَتَزيدُ

إِذا قُلتُ ما بي يا بُثَينَةُ قاتِلي

مِنَ الحُبِّ قالَت ثابِتٌ وَيَزيدُ

وَإِن قُلتُ رُدّي بَعضَ عَقلي أَعِش بِهِ

تَوَلَّت وَقالَت ذاكَ مِنكَ بَعيدُ

فَلا أَنا مَردودٌ بِما جِئتُ طالِباً

وَلا حُبُّها فيما يَبيدُ يَبيدُ

جَزَتْكِ الجَوازي يا بُثَينَ سَلامَةً

إِذا ما خَليلٌ بانَ وَهُوَ حَميدُ

وَقُلْتُ لَها بَيني وَبَينَكِ فَاِعلَمي

مِنَ اللَهِ ميثاقٌ لَهُ وَعُهودُ

وَقَد كانَ حُبّيكُم طَريفاً وَتالِداً

وَما الحُبُّ إِلّا طارِفٌ وَتَليدُ

وَإِنَّ عَروضَ الوَصلِ بَيني وَبَينَها

وَإِن سَهَّلَتهُ بِالمُنى لَكَؤودُ

وَأَفنَيتُ عُمري بِاِنتِظارِيَ وَعدَها

وَأَبلَيتُ فيها الدَهرَ وَهوَ جَديدُ

فَلَيتَ وُشاةَ الناسِ بَيني وَبَينَها

يَدوفُ لَهُم سُمّاً طَماطِمُ سودُ

وَلَيتَهُمُ في كُلِّ ممسىً وَشارِقٍ

تُضاعفُ أَكبالٌ لَهُم وَقُيودُ

وَيَحسَبُ نِسوانٌ مِنَ الجَهلِ أَنَّني

إِذا جِئتُ إِيّاهُنَّ كُنتُ أُريدُ

فَأَقسِمُ طَرفي بَينَهُنَّ فَيَستَوي

وَفي الصَدرِ بَونٌ بَينَهُنَّ بَعيدُ

أَلا لَيتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً

بِوادي القُرى إِنّي إِذَن لَسَعيدُ

وَهَل أَهبِطَن أَرضاً تَظَلُّ رِياحُها

لَها بِالثَنايا القاوِياتِ وَئيدُ

وَهَل أَلقَيَن سُعدى مِنَ الدَهرِ مَرَّةً

وَما رَثَّ مِن حَبلِ الصَفاءِ جَديدُ

وَقَد تَلتَقي الأَشتاتُ بَعدَ تَفَرُّقٍ

وَقَد تُدرَكُ الحاجاتُ وَهيَ بَعيدُ

وَهَل أَزجُرَن حَرفاً عَلاةً شِمِلَّةً

بِخَرقٍ تُباريها سواهِمُ قودُ

عَلى ظَهرِ مَرهوبٍ كَأَنَّ نَشوزَهُ

إِذا جازَ هُلّاكُ الطَريقِ رُقودُ

سَبَتني بِعَينَي جُؤذُرٍ وَسطَ رَبرَبٍ

وَصَدرٌ كَفاثورِ اللُجَينِ وَجيدُ

تَزيفُ كَما زافَت إِلى سَلِفاتِها

مُباهِيَةٌ طَيَّ الوِشاحِ مَيودُ

إِذا جِئتُها يَوماً مِنَ الدَهرِ زائِراً

تَعَرَّضَ مَنفوضُ اليَدَينِ صَدودُ

يَصُدّ وَيُغضي عَن هَوايَ وَيَجتَني

ذَنوباً عَلَيها إِنَّهُ لَعَنودُ

فَأَصرِمُها خَوفاً كَأَنّي مُجانِبٌ

وَيَغفلُ عَنّا مَرَّةً فَنَعودُ

وَمَن يُعطَ في الدُنيا قَريناً كَمِثلِها

فَذَلِكَ في عَيشِ الحَياةِ رَشيدُ

يَموتُ الهَوى مِنّي إِذا ما لَقيتُها

وَيَحيا إِذا فارَقتُها فَيَعودُ

يَقولونَ جاهِد يا جَميلُ بِغَزوَةٍ

وَأَيَّ جِهادٍ غَيرُهُنَّ أُريدُ

لِكُلِّ حَديثٍ بَينَهُنَّ بَشاشَةٌ

وَكُلُّ قَتيلٍ عِندَهُنَّ شَهيدُ

وَأَحسَنُ أَيّامي وَأَبهَجُ عيشَتي

إِذا هيجَ بي يَوماً وَهُنَّ قُعودُ

تَذَكَّرتُ لَيلى فَالفُؤادُ عَميدُ

وَشَطَّت نَواها فَالمَزارُ بَعيدُ

عَلِقتُ الهَوى مِنها وَليداً فَلَم يَزَل

إِلى اليَومِ يَنمي حُبُّها وَيَزيدُ

فَما ذُكِرَ الخلّانُ إِلّا ذَكَرتُها

وَلا البُخلُ إِلّا قُلتُ سَوفَ تَجودُ

إِذا فَكَّرَت قالَت قَدِ اِدرَكتُ وُدَّهُ

وَما ضَرَّني بُخلي فَكَيفَ أَجودُ

فَلَو تُكشَفُ الأَحشاءُ صودِفَ تَحتُها

لبَثنَةَ حُبٌّ طارِفٌ وَتَليدُ

أَلَم تَعلَمي يا أُمَّ ذي الوَدعِ أَنَّني

أُضاحِكُ ذِكراكُم وَأَنتِ صَلودُ

فَهَل أَلقَيَن فَرداً بُثَينَةَ لَيلَةً

تَجودُ لَنا مِن وُدِّها وَنَجودُ

وَمَن كانَ في حُبّي بُثَينَةَ يَمتَري

فَبَرقاءُ ذي ضالٍ عَلَيَّ شَهيدُ







حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-