يا عَبلَ خَلّي عَنكِ قَولَ المُفتَري-عنترة بن شداد

يا عَبلَ خَلّي عَنكِ قَولَ المُفتَري-عنترة بن شداد


يا عَبلَ خَلّي عَنكِ قَولَ المُفتَري لا يمكن لعنترة إلا أن يكون عنترة.

 فالفارس العاشق حين يحدث حبيبته لا يكون الحديث إلا عن الضرب والطعان ومبارزة الفرسان.
 في هذه القصيدة التي يشكو فيها الكذب والافتراء من العازلين كان الواجب ان ياتي الحديث رقيقا مناسبا للظروف والمناسبة.

 ولكن كلا عنترة بن شداد هوعنترة بن شداد ياخذه الحديث عن نفسه ومشاعره وحبه إلي ساحة لمعركة ليصف لحبيبته الأهوال وما يلاقي الأبطال علي يديه .

فهذا يصدمه بصدر فرسة وهذا يقطعه أشلاءاً تأكلها الطير والسباع وهذا تبكيه حليلته وهذا تثكله امه .

هذا هوالحب والغرام عند عنترة بن شداد الحب حرب وضرب.

قصيدة عنترة بن شداد من البحر الكامل -يا عبل خلي عنك قول المفتري.

يا عَبلَ خَلّي عَنكِ قَولَ المُفتَري   وَاِصغي إِلى قَولِ المُحِبِّ المُخبِرِ   وَخُذي كَلاماً صُغتُهُ مِن عَسجَدٍ   وَمَعانِياً رَصَّعتُها بِالجَوهَرِ


يا عَبلَ خَلّي عَنكِ قَولَ المُفتَري

وَاِصغي إِلى قَولِ المُحِبِّ المُخبِرِ

وَخُذي كَلاماً صُغتُهُ مِن عَسجَدٍ

وَمَعانِياً رَصَّعتُها بِالجَوهَرِ

كَم مَهمَهٍ قَفرٍ بِنَفسي خُضتُهُ

وَمُفاوِزٍ جاوَزتُها بِالأَبجَرِ

كَم جَحفَلٍ مثْل الضَبابِ هَزَمتُهُ

بِمُهَنَّدٍ ماضٍ وَرُمحٍ أَسمَرِ

كَم فارِسٍ بَينَ الصُفوفِ أَخَذتُهُ

وَالخَيلُ تَعثُرُ بِالقَنا المُتَكَسِّرِ

يا عَبلَ دونَكِ كُلَّ حَيٍّ فَاِسأَلي

إِن كانَ عِندَكِ شُبهَةٌ في عَنتَرِ

يا عَبلَ هَل بُلِّغتِ يَوماً أَنَّني

وَلَّيتُ مُنهَزِماً هَزيمَةَ مُدبِرِ

كَم فارِسٍ غادَرتُ يَأكُلُ لَحمَهُ

ضاري الذِئابِ وَكاسِراتُ الأَنسُرِ

أَفري الصُدورَ بِكُلِّ طَعنٍ هائِلٍ

وَالسابِغاتِ بِكُلِّ ضَربٍ مُنكَرِ

وَإِذا رَكِبتُ تَرى الجِبالَ تَضِجُّ مِن

رَكضِ الخُيولِ وَكُلَّ قُطرٍ موعِرِ

وَإِذا غَزَوتُ تَحومُ عِقبانُ الفَلا

حَولي فَتَطعُمُ كَبدَ كُلِّ غَضَنفَرِ

وَلَكَم خَطِفتُ مُدَرَّعاً مِن سَرجِهِ

في الحَربِ وَهوَ بِنَفسِهِ لَم يَشعُرِ

وَلَكَم وَرَدتُ المَوتُ أَعظَمَ مَورِدٍ

وَصَدَرتُ عَنهُ فَكانَ أَعظَمَ مَصدَرِ

يا عَبلَ لَو عايَنتِ فِعلي في العِدا

مِن كُلِّ شِلوٍ بِالتُرابِ مُعَفَّرِ

وَالخَيلُ في وَسطِ المَضيقِ تَبادَرَت

نَحوي كَمِثلِ العارِضِ المُتَفَجِّرِ

مِن كُلِّ أَدهَمَ كَالرِياحِ إِذا جَرى

أَو أَشهَبٍ عالي المَطا أَو أَشقَرِ

فَصَرَختُ فيهِم صَرخَةً عَبسِيَّةً

كَالرَعدِ تَدوي في قُلوبِ العَسكَرِ

وَعَطَفتُ نَحوَهُمُ وَصُلتُ عَلَيهِمُ

وَصَدَمتُ مَوكِبَهُم بِصَدرِ الأَبجَرِ

وَطَرَحتُهُم فَوقَ الصَعيدِ كَأَنَّهُم

أَعجازُ نَخلٍ في حَضيضِ المَحجَرِ

وَدِماؤُهُم فَوقَ الدُروعِ تَخَضَّبَت

مِنها فَصارَت كَالعَقيقِ الأَحمَرِ

وَلَرُبَّما عَثَرَ الجَوادُ بِفارِسٍ

وَيَخالُ أَنَّ جَوادَهُ لَم يَعثُرِ






حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-