أريوس - حارس عقيدة التوحيد
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :"إن اللَّه نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب"
حتي نتعرف علي هؤلاء "البقايا" يجب علينا أولًا أن نلقي نظرة فاحصة على حال البشر لنرى كيف كان وضع شعوب الأرض مباشرة قبل بزوغ شمس الدعوة المحمدية.
حال الرومان قبل البعثة
الرومان: كان الرومان يحكمون بلدانًا شاسعة في أوروبا وآسيا وأفريقيا، يحكمونها بالنار والحديد، ويفرضون عليها الضرائب الباهظة، ولعل كثيرًا من الذين يفتخرون بالمدرجات الرومانية الحضارية في بلدانهم لا يعلمون أن هذه المدرجات والمسارح قد بنيت من قبل الرومان لكي تكون مكانًا يتسلى به الرومان الهمجيون وهم يرون الأسود وهي تنهش لحوم العبيد الذين يأتون بهم من مستعمراتهم.
حال الفرس قبل البعثة
الفرس: أما الفرس فحدث عنهم ولا حرج! فقد كان جل الفرس من عبّاد النار الذين انتشر فيهم الانحلال الأخلاقي بشكل ما عرفته شعوب الأرض قبلهم أو بعدهم، فقد كانت المتعة بالجنس شكلًا يميز الفرس عن باقي شعوب الأرض، فسقط الفرش في أقذر أنواع الرذيلة الحيوانية، وشاع فيهم زنى المحارم، فكان كسرى يزدجرد الثاني يزني بابنته، وكان كسرى بهرام جوبين يزني بأمه وأخته>
ولم تستحل أمة من الأمم القديمة هذه الرذيلة إلا أمة فارس، بل كان الإغريق والرومان يعايرونهم بذلك، وقد قسم الفرس البشر إلى سبع طبقات، فعامة الشعب في المرتبة الدنيا حيث كانوا يربطونهم كالكلاب بالسلاسل في المعارك، بينما كان كسرى في قمة الهرم الاجتماعي حيث كان يعتبر نفسه سيدًا صاحبَ دماءٍ مقدسة.
حال الهنود قبل البعثة
الهنود: عبد الهنود كل ما خطر وما لم يخطر على بال البشر! فقد عبدوا كل شيئ من الكواكب إلى الأنهار مرورًا بالحيوانات والأشجار، بل إن بعضهم عبد أعضاء التناسل.
حال الصين قبل البعثة
الصين: برزت في الصين ثلاث ديانات رئيسية هي:
- ديانة لاتسو: وتدعو إلى البعد الكامل عن النساء.
- ديانة كلونفوشيوس: وهي مادية بحتة.
- ديانة بوذا: وتدعو إلى الانعزال والزهد في الحياة.
حال العرب قبل البعثة
العرب: كان جل العرب يعبد الأصنام التي أشركوها في عبادتهم للَّه، فكان لكل قبيلة صنمًا أو أكثر.
من هم الآريسيون
ومن بين كل هذه النماذج القاتمة التي غرق فيها بنو البشر، كانت هناك بقايا من الإنسانية مزروعة في وجدان طائفة من بقايا أهل الكتاب يقال لهم "الآريسيين"، أفراد هذه المجموعة كانوا يشهدون أنه لا إله إلا اللَّه، وأن عيسى نبي اللَّه، أي أنهم كانوا على دين الإسلام.
أما عن سبب تسميتهم بالآريسيين فيرجع إلى القرن الرابع الميلادي إلي قس أمازيغيً يدعي أريوس وبالتحديد إلى عام 325 م، فقد كان المسيحيون منذ بعثة عيسى وحتى ذلك العام ومنهم أريوس يؤمنون بوحدانية اللَّه عز وجل، وبنبوة عيسى عليه السلام.
فتنة اثناسيوس
إلى أن ظهر رجلٌ مصري يدعى (أثناسيوس)، هذا الرجل قام بتغيير الدين الذي جاء به المسيح عليه السلام، فأدخل فيه كثيرًا من العقائد الوثنية.
وسبب ذلك أن أثناسيوس لم يكن مسيحيًا في بادئ الأمر، بل كان وثنيًا على دين الفراعنة القدماء، فقام بمزج المسيحية بالديانات الوثنية التي كان يعتقد بها قبل تنصره، فأدخل لأول مرة مبدأ (الثالوث المقدس) " The Trinity" على الدين المسيحي التوحيدي.
الثالوث المقدس عند الأرثوذكس
وينص هذه المبدأ على أن اللَّه ذو طبيعة ثلاثية الأبعاد، كل بعد فيه يساويه، وكل بعد فيه لا يساوي الآخر! وإن كنت لم تفهم شيئًا من هذه الأحجية، فلا تقلق كثيرًا، لأن الأوروبيين "المسيحيين" أيضًا لا يفهمونها!.
وربما كان هذا هو السبب الذي دفع الكنائس مؤخرًا لمحاولة شرح هذا المبدأ الصعب وذلك بتوزيع رسومات هندسية
فلو كان لك ولدٌ لم يبلغ من العمر إلّا سنياتٍ معدودةٍ، فجلبت له ثلاث تفاحات وقلت له أن كل تفاحة من التفاحات الثلاث تساوي نفس الشيء، ولكن نفس هذه التفاحات الثلاث لا تساوي الشيء نفسه! فلا أشك حينها بأن ذلك الطفل سيأخذ إحدى تلك التفاحات الثلاث من يدك، ليقضم منها قضمة صغيرة، ليقذف رأسك بعدها بنفس تلك التفاحة المقضومة، قبل أن يذهب إلى أمه ليخبرها بان أباه قد فقد عقله!
والحقيقة أن أثناسيوس لم يأتِ بهذا المبدأ من فراغ، فلقد كانت فكرة الثالوث المقدس مغروسة في كيانه قبل أن يعتنق النصرانية، فلقد كان أثناسيوس يؤمن بالثالوث المقدس للفراعنة قبل أن يعتنق المسيحية (أوزريس الأب، حورس الإبن، إزيس الأم).
بل إن فكرة الثالوث تلك كانت سائدة في أغلب الديانات الوثنية، فقد كان للهنود ثالوثهم البرهمي المقدس (برهما: الإله، فشنو: المُخلص، سيفا: الروح العظيم)، وعند الفرس الثالوث الزردشتي المقدس: (الروح الصالحة، الكلمة الصالحة، العمل الصالح)، لذلك أراد أثناسيوس نشر ذلك المبدأ الجديد في المسيحية.
عند تلك اللحظة ظهر العملاق العظيم آريوس الذي كان قسًا أمازيغيًا يعيش في الإسكندرية بعد أن قدم إليها من مسقط رأسه ليبيا، فوقف آريوس بالمرصاد في وجه أثناسيوس، وأدحض افتراءات المثلثين بعلمه وفصاحته، فأنكر ما جاء به أثناسيوس بحجة في غاية البساطة، ملخصها أنه لم يرد في الإنجيل كلمة واحدة تنص بأن المسيح إله، ولم يرد في الانجيل أبدًا أنه قالَ للناس اعبدوني.
فنشب خلاف كبير بين (أثناسيوس) وسيده بابا الإسكندرية آنذاك (ألكساندريوس الأول) من جهة، وبين (أريوس) ومن معه من المسلمين الموحدين من جهة أخرى، فأمر الإمبراطور الروماني الذي كان يحكم مصر (قسطنطين الأول) بعقد مؤتمر يجتمع فيه كل علماء النصارى لبحث أمر هذه البدعة التي جاء جها أثناسيوس، فاجتمع العلماء في "مجمع نيقية المسكوني" في مايو 325 م، وقامت المناظرات بين آريوس وأثناسيوس، فانتصر آريوس بالضربة القاضية بعقيدة التوحيد.
قسطنطين يرجح كفة عقيدة التثليث
إلا أن الإمبراطور قسطنطين الذي كان وقتها وثنيًا رفض رأي آريوس، فقد كان قسطنطين نفسه يؤمن بالثالوث الروماني المقدس (اللَّه، الكلمة، الروح)، فأمر الإمبراطور قسطنطين القساوسة الموحدين وعلى رأسهم آريوس بالتوقيع على عريضة تنص على ألوهية المسيح، فرفض بطلنا الإسلامي العظيم آريوس التوقيع على وثيقة تنص على الشرك باللَّه، المضحك بالأمر أن الإمبراطور قسطنطين والذي كان وثنيًا في وقتها اعتمد "وثيقة الإيمان المسيحي" التى يؤمن بها النصارى إلى يومنا هذا!
نفي أريوس إلي البلقان
أما آريوس ومن معه من المسلمبن الموحدين فقد تم نفيهم إلى "البلقان"، قبل أن يأمر الإمبراطور بحرق جميع كتب آريوس وإعدام من يحتفظ بأي نسخة منها، عندها قامت الثورات الشعبية في أنحاء الإمبراطورية تطالب باطلاق سراح القس البطل آريوس، ليستجيب الإمبراطور لهذه الضغوطات، ليعود آريوس من منفاه إلى العاصمة القسطنطينية (إسطانبول) منتصرًا، قبل أن يقوم المثلثون بتسميمه، ليستشهد بطلنا في القسطنطينية بعد حياة طويلة قضاها في الجهاد في سبيل اللَّه، دافعًا حياته ثمنًا لرفعه لراية التوحيد.
وبعد أن موت آريوس قام الموحدون بنشر الإسلام في أنحاء أوروبا، فدخلت القبائل الجرمانية في الإسلام بتعاليم آريوس، وأصبحت كل شعوب أوروبا الغربية تقريبًا آريسية مسلمة تؤمن برسالة التوحيد.
وساد الإسلام أغلب دول العالم، بل إن بعض العرب كان من النصارى الآريسيين! لعل (ورقة بن نوفل) كان أشهرهم، وهذا يظهر جليًا من سرعة اتباعه لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي كان يقرأ عنه في الإنجيل، ويظهر أيضًا من شعر ورقة الذي يقول فيه:
لَا تَعْبُدُنّ إلَهًا غَيْرَ خَالِقِكُمْ
فَإِنْ دَعَوْكمْ فَقُولُوا بَيْنَنَا جَدَدُ
حال القارة الأوروبية قبل البعثة
أما القارة الأوروبية فقد كانت قارة مسلمة على مذهب البطل الإسلامي آريوس، بل إن الإسلام الآريوسي أو الآريسي كان دين القارة الأوروبية والشام والشمال الأفريقي لسنين عديدة، إلا أن المضحك المبكي في هذه القصة حدث عندما جاء إمبراطور وثني اسمه (يوليانوس)، هذا الإمبراطور الروماني لم يكن مسيحيًا أصلًا حتى موته، فقام بدعم المثلثين من الأرثذوكس وغيرهم على حساب المسيحيين الموحدين، فانتشرت المسيحية المحرفة بحد السيف وآلات التعذيب.
بعد أن قام المثلثون بقتل ما يزيد عن 12 مليون من الآريسيين الموحدين، فأخفى من بقي من الآريسيين إسلامهم (سر تخفي قسّيسي عمورية والموصل وحرّان في قصة سلمان!)، وكان معظم أقباط مصر مسلمين آريسيين، ما يفسر اعتناق الأقباط السريع للإسلام بعد أن جاءهم الصحابي الجليل عمرو ابن العاص ليحررهم من اضطهاد المثلثين لهم، فكان عمرو بن العاص -رضي اللَّه عنه- بمثابة المحرر للمسيحيين من التعذيب والقتل والإرهاب.
البربر قبل البعثة
أما البربر فقد كانوا موحدين مسلمين من أتباع آريوس البربري، فلما جاءت دعوة محمد الخاتمة أعلنوا اتباعهم لها بسرعة البرق لتوافقها مع عقيدة التوحيد التي يؤمنون بها أصلًا، وهذا ما يفسر السرعة الخرافية التي فتح فيها عقبة بن نافع الشمال الأفريقي.
ورغم أن حاجز اللغة كان عائقًا أمام معرفتهم بقواعد الشريعة المحمدية لبعض الوقت، إلّا أنهم ما أن تعلموا العربية لغة القرآن حتى أصبحو قادة للإسلام!.
فإذا كنت أمازيغيًا وجاءك أحد المنصرين الأوروبيين يُذكرك بأصولك الأوروبية المسيحية فلا تكذبه، ولكن قل له أن أجدادك من البربر كانوا مسيحيين آريسيين يؤمنون بوحدانية اللَّه، وقم بعد ذلك بتذكير ذلك المنصر بأصوله المسيحية الأريسية التي دافع عنها بطل البربر آريوس، ثم ادعه أنت بدورك للإسلام!.
الأندلس قبل البعثة
أما الأندلس، فقد كانت آخر معقلٍ من معاقل الآريسية في أوروبا، وكان أهل الأندلس مسلمين آريسيين حتى قبل أن يُولد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، إلا أنه في عام 586 م قام الملك الإسباني (ريكاردو) باعتناق المذهب الكاثوليكي، ليأمر بعدها بفرضه على الشعب المسلم بحد السيف.
بعد أن قتل أغلب المسلمين الآريسيين من الإسبان والبرتغاليين، ليضطر من بقي منهم لإخفاء إسلامه في انتظار فرج اللَّه، وفعلًا جاء فرج اللَّه بعدها بسنوات قليلة، والعجيب في الأمر أن المدقق لهذا التاريخ 586 م -وهو تاريخ سقوط آخر معقل من معاقل الإسلام على الكرة الأرضية- يجد أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يبلغ من العمر حينها 20 عامًا تقريبًا! فما هي إلّا سنيات قليلة حتى يشرق نور التوحيد من جديد على يديه، فيضيئ به دياجير الشرك الحالكة.
كانت هناك بقايا من الإنسانية مزروعة في وجدان طائفة من بقايا أهل الكتاب يقال لهم "الآريسيين"، أفراد هذه المجموعة كانوا يشهدون أنه لا إله إلا اللَّه، وأن عيسى نبي اللَّه، أي أنهم كانوا على دين الإسلام.