أَلا إِنَّ أَصحابَ الكَنيفِ وَجَدتُهُم-عروة بن الورد
قصيدة أَلا إِنَّ أَصحابَ الكَنيفِ وَجَدتُهُم من البحر الطويل عروة بن الورد
أَلا إِنَّ أَصحابَ الكَنيفِ وَجَدتُهُم
كَما الناسِ لَمّا أَخصَبوا وَتَمَوَّلوا
وَإِنّي لَمَدفوعٌ إِلَيَّ وَلاؤُهُم
بِماوانَ إِذ نَمشي وَإِذ نَتَمَلمَلُ
وَإِذ ما يُريحُ الحَيَّ صَرماءُ جونَةٌ
يَنوسُ عَلَيها رَحلُها ما يُحَلَّلُ
مُوَقَّعَةُ الصَفقَينِ حَدباءَ شارِفٌ
تُقَيَّدُ أَحياناً لَدَيهِم وَتُرحَلُ
عَلَيها مِنَ الوِلدانِ ما قَد رَأَيتُمُ
وَتَمشي بِجَنبَيها أَرامِلُ عُيَّلُ
وَقُلتُ لَها يا أُمَّ بَيضاءَ فِتيَةٌ
طَعامُهُمُ مِنَ القُدورِ المُعَجَّلُ
مَضيغٌ مِنَ النَيبِ المَسانِ وَمُسخَنٌ
مِنَ الماءِ نَعلوهُ بِآخَرَ مِن عَلُ
فَإِنّي وَإِيّاكُم كَذي الأُمِّ أَرهَنَت
لَهُ ماءَ عَينَيها تُفَدّي وَتَحمِلُ
فَلَمّا تَرَجَّت نَفعَهُ وَشَبابَهُ
أَتَت دونَها أُخرى حَديداً تُكَحِّلُ
فَباتَت لِحَدِّ المِرفَقَينِ كِلَيهِما
تُوَحوِحُ مِمّا نابَها وَتُوَلوِلُ
تُخَيَّرُ مِن أَمرَينِ لَيسا بِغِبطَةٍ
هُوَ الثَكلُ إِلّا أَنَّها قَد تَجَمَّلُ
كَليلَةِ شَيباءَ الَّتي لَستَ ناسِياً
وَلَيلَتِنا إِذ مَنَّ ما مَنَّ قِرمِلُ
أَقولُ لَهُ يا مالِ أُمُّكَ هابِلٌ
مَتى حُبِسَت عَلى الأَفَيَّحِ تُعقَلُ
بِدَيمومَةٍ ما إِن تَكادُ تَرى بِها
مِنَ الظَمَأِ الكَومَ الجِلادَ تُنَوَّلُ
تُنَكَّرُ آياتُ البِلادِ لِمالِكٍ
وَأَيقَنَ أَن لا شَيءَ فيها يُقَوَّلُ