لمحة تاريخية عن نشأة علوم القرآن
التعريف بعلوم القرآن في اللغة والًصطلاح:
العلوم: جمع علم، والعلم: نقيض الجهل، والعلم هو: معرفة الشيء على حقيقته،معرفة صحيحة، ويمكن أن يقال: هو الإد ر ا ك الجازم المطابق للواقع، فهذه أشياء تقربه، وتصور لنا الم ا رد منه.التعريف بعلوم القرآن :
يقصد بعلوم القرآن المباحث الكلية، المرتبطة بالقرآن الكريم من ناحية نزوله وترتيبه، وجمعه وكتابته، وأسباب نزوله، والمكي والمدني، وناسخه ومنسوخه،والأحرف السبعة، القراءات، والمحكم والمتشابه، والغريب والمبهم والدخيل وعلم التفسير، ودفع الشبه عنه، ونحو ذلك مما بسطه العلماء وكان له صلة بالقرآن.ويعد كل موضوع من هذه الموضوعات فنًا قائما بذاته.
وقد ألفت في هذا العلم أمهات المراجع والكتب التي ذخرت بها المكتبة القرآنية العامرة بعطاءات القرآن ، كلمة الله الباقية التي لم تتبدل ولم تتغير إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فإن المولى قد تكفل بحفظه ، فالقرآن هو رسالة الله إلى الناس كافة، ومحمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والرسل.
أولاً : علوم القرآن في عصر النبوة وفي عهد الصحابة:
لم يحظ كتاب سواه بمثل هذه العناية، والحقيقة أن عناية المسلمين بالحفاظ على النص القرآني من أن يلتبس بغيره قد بدأت هذه العناية مع البدايات الأولى للدعوة.
فقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تدوينه مباشرة عقب نزوله وكان يطبق معهم مبدًأ مهمًا يدل على دقة المملي والْمسْتَمْلَى.
وهو مبدأ عَرْضِّ المكتوب بعد كتابته، من هذه الأحاديث، ما أخرجه الطبراني عن ابن سليمان بن زيد بن ثابت، عن أبيه، عن جَده زيد بن ثابت رضي الله عنهم قال: " كنت أكتب الْوَحْيَ عِّنْدَ رَ سولِّ الله صلى الله عليه وسلم وَكَانَ إِّذَا أ نْزِّلَ عَلَيْهِّ أخذته برَحَاء شديدةٌ وَعَرَقَ عَرَقًا شَدِّيدًا مِّثْلَ الْجمَانِّ ) (، ثمَّ سرِّيَ عنه، فَكنت أدخل عَلَيْهِّ بِّقِّطْعَةِّ الْقَتَبِّ فَأكتب وَهوَ يمْلِّي عَلَي، فَمَا أَبْرَ ح حَتى تَكَاد تكْسَر رِّجْلِّي مِّنْ ثِّقَلِّ القرآن، وحتى أقولَ: لََا أَمْشِّي عَلَى رِّجْلِّي أَبَدًا، فَإِّذَا فَرَغْت قال: اقْرأَْه . فَأَقْرَؤه ، فَإِّنْ كَانَ فِّيهِّ سَقْطٌ أَقَامَه، ثم أخرج بِّهِّ إِّلَى النَّاسِّ ") .
وفي هذا ما يدل على البدايات الأولى لعلم رسم المصاحف وما يشمله من موضوعات وثيقة الصلة بأهم مباحث علوم القرآن .
ولم يأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابة في كتابة شيء عنه سوى القرآن خشية أن يلتبس القرآن بغيره، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى الصحابةَ عن كتابة الحديث.
فروي عن مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لَا تكتبوا عني شيئًا غير القرآن، ومن كتب عني شيئًا غيرَ القرآنِّ فلْيمحْه "
وكان القوم عربًا خلصًا يفهمون القرآن بمقتضى السليقة ومعرفتهم باللسان العربي.
فإذا غمض عليهم معنى أو أشكل عليهم فهم سألوا عنه النبي صلى الله عليه وسلم فيبينه لهم .
ومن ذلك ما رواه أحمد والشيخان وغيرهما عن ابن مسعود قال:"لما نزلت هذه الآية: }الَّذِّينَ آمَنواْ وَلَمْ يَلْبِّسواْ إِّيمَانهمْ بِّظلم أ وْلَئِّكَ لهم الأَمْن وهم مُّهْتدونَ الأنعام: 82 شقَ ذلك على الناس فقالوا: يا رسولَ الله؛وأيُّنا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَه ؟
قال: "إنه ليس الذى تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح : } إِّنَّ الشرْكَ لَظلْمٌ عَظِّيمٌ لقمان: 13 إنما هو الشرك".
وهنا نلاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم خصص العموم الموجود فبين لهم أن المقصود بالظلم ليس على عمومه، وإنما هوعلى نحومخصوص، قصد به الشرك، وهو مبحث من أبواب علوم القرآن تخصيص العام .
وهذا التوضيح النبوي فسر فيه النبي صلى الله عليه وسلم آية بآية أخرى، وأزال اللبسَ الذي فهمه البعض من الآية وهذا النهج الذي بينه النبي للناس هو ما يعر ف بقاعدة تفسير القرآن بالقرآن، ليس هذا فقط بل خصص لهم النبي صلى الله عليه وسلم عموم الظلم بالشرك، بتخصيص العام في القرآن .
أو أن يفسر لهم النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا في القرآن يريد أن يبينه لهم دون أن يسألوه فيه،ومن ذلك ما رواه الإمام أحمد عن أنس بن مالك رضي الله عن قال : أغْفى رسو ل الله صلى الله عليه وسلم إغفاءةً ) فرفع رأسه مبتسمًا، إما قال لهم وإمَّا قالوا له: يا رَسولَ اللهِّ، ؟ لِّمَ ضَحِّكتَ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه أ نزلت علي آنفًا سورة « فقرأ . » بسم الله الرحمن الرحيم إِّنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ« حتى ختمَها ثم قال لهم تَدرونَ ما الكَوثر» قالوا : الله ورسو له أعلم . قال : هوَ نَهْرٌ أعطانيهِّ ربِّي عزَّ وجلَّ في الجنَّةِّ ؟
ومنه ما رواه الترمذى وابن حبان فى صحيحه عن ابن مسعود قال: قال رسو ل الله صلى الله عليه وسلم "الصلاة الوسطى صلاة العصر". في قول الله تعالى:}حَافِّظوا عَلَى الصَّلَوَاتِّ وَالصَّلَاةِّ الْوسْطَىٰ وَقوموا لَِِّّلِّّه قَانِّتِّينَ.
وما أخرجه مسلم وغيره عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :وهو على المنبر: }وَأَعِّدُّواْ لَهمْ مَّا اسْتَطَعْتمْ من قوَّة الأنفال: 60 ألَا وإن القوة الرمى".
وفي هذا بيان من النبي صلى الله عليه وسلم للمبهم في القرآن بتوقيف منه، وغير ذلك مما بينه .
فهو مأمور ببيانه للناس، لأن وظيفته البيان، كما أخبر الله عنه بذلك فى كتابه حيث قال: وَأَنْزَْلنَا إِّلَيْكَ الذكْرَ لِّتبَيِّنَ لِّلنَّاسِّ مَا نزِّلَ إِّليْهِّمْ وَلَعَلَّهمْ يَتَفَكَّرونَالنحل: 44 .
وقد نَبَّهَ على ذلك رَسو ل الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود بسنده إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال " ألا إنِّي أوتيتُ الكتابَ ومثلَهُ معهُ، ألا يُوشِكُ رجُلٌ شبعانٌ على أريكتِهِ يقولُ: عليكُم بِهذَا القُرآنِ فما وجدتُم فيهِ مِن حَلالٍ فأحلُّوه وما وَجدتُم فيهِ مِن حرامٍ فحرِّمُوه، ألا لا يحلُّ لكُم لحمُ الحِمارِ الأهليِّ، ولا كلِّ ذي نابٍ من السَّبُعٍ، ولا لُقَطةِ معاهَدٍ، إلَّا أن يستَغني عَنها صاحبُها، ومَن نزل بقومٍ فعليهِم أن يُقْرُوه، فإن لَم يُقْرُوه فله أن يُعْقِبَهُمْ بمثلِ قِرَاه»
وجمع هذه التفاسير في رسائل علمية من كتب التفسير بالمأثور ، مثل:
تفسير الطبري جامع البيان ، ومعالم التنزيل للبغوي،
وتفسير البحر المحيط لأبي حيان ، وتفسير ابن كثير )تفسير القرآن العظيم والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ،وتفسير الدر المنثور للسيوطي وتفسير زاد المسيرفي علم التفسيرلَابن الجوزي وغير ذلك من كتب التفسير .
مدرسة مكة وأستاذها عبد الله بن عباس )رضي الله عنهما فاشتهر من تلاميذ ابن عباس بمكة: سعيد بن جبير، ومجاهد، وعِّكرمة مولى ابن عباس، وطاوس بن كيسان اليماني، وعطاء بن أبي رباح.
مدرسة المدينة وأستاذها) أ بي بن كعب
واشتهر من تلاميذ أ بَي بن كعب بالمدينة: زيد بن أسلم، وأبو العالية، ومحمد بن كعب القرظي.
ومدرسة العراق وأستاذها )عبد الله بن مسعود(واشتهر من تلاميذ عبد الله بن مسعود بالعراق: علقمة بن قيس، ومسروق، والأسود بن يزيد، وعامر الشعبي، والحسن البصري، وقتادة بن دعامة السدوسي.
وتفسير البحر المحيط لأبي حيان ، وتفسير ابن كثير )تفسير القرآن العظيم والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ،وتفسير الدر المنثور للسيوطي وتفسير زاد المسيرفي علم التفسيرلَابن الجوزي وغير ذلك من كتب التفسير .
مدرسة مكة وأستاذها عبد الله بن عباس )رضي الله عنهما فاشتهر من تلاميذ ابن عباس بمكة: سعيد بن جبير، ومجاهد، وعِّكرمة مولى ابن عباس، وطاوس بن كيسان اليماني، وعطاء بن أبي رباح.
مدرسة المدينة وأستاذها) أ بي بن كعب
واشتهر من تلاميذ أ بَي بن كعب بالمدينة: زيد بن أسلم، وأبو العالية، ومحمد بن كعب القرظي.
ومدرسة العراق وأستاذها )عبد الله بن مسعود(واشتهر من تلاميذ عبد الله بن مسعود بالعراق: علقمة بن قيس، ومسروق، والأسود بن يزيد، وعامر الشعبي، والحسن البصري، وقتادة بن دعامة السدوسي.
ومن أشهر علماء الصحابة وأوعية العلم وبركته، الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنه حبر الأمة، وفقيه العصر، وإمام التفسير، وترجمان القرآن، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقل علم الصحابة إلى كبار التابعين، إمام المفسرين ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال له" اللَّهمَّ فقِّهه فِّي الدينِّ وعلمه التَّأْوِّيلَ" ، وقد تحققت إجابته صلى الله عليه وسلم فقد كان ابن عباس رئيسَ المفسرين وترجمان القرآن.
وهذا الحديث يشيرإلى أن للكتابِّ علومًا والرسول يدعو لَابن عمه في أن يعلمه الله إياها، ولقد تحقق ذلك له، وصار ترجمانَ القرآنِّ ، وأكثرَ الصحابةِّ تفسيراً له . وكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول عنه: نِّعْمَ تَرْ جمَان القرآن ابْن عَبَّا س .
ولذلك لَا نكاد نرى آيةً في كتاب الله إلَا وجدنا لعبد الله بن عباس له فيها قولَ أو أقوالً في تفسيرها .
وقد زخرت كتب التفسير بالمأثور بأقوال ابن عباس و تتلمذ على يديه في مدرسة مكة في التفسير كبار التابعين من أمثال مجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير، وعكرمة مولى بن عباس.
وظل ابن عباس يفتي في عهد عمر و عثمان وعلى ومعاوية إلى يوم مات، فقد عمر طويلًا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى أنه أدرك الدولة الأموية. توفي عبد الله بن عباس في الطائف سنة سبع وستين أو ثمان وستين للهجرة، وبلغ عمره آنذاك واحدًا وسبعين سنة.
محاضرة للدكتور/علي حسن عبدالغني