هَل غادَرَالشُعَراءُ مِن مُتَرَدَّمِ-كاملة مكتوبة

هَل غادَرَالشُعَراءُ مِن مُتَرَدَّمِ-كاملة مكتوبة
















عنترة بن شداد فارس عبس وشاعرها كل الناس تعرف الفارس المغوار الذي قاوم قهر العشيرة وظلمها له وأثبت بفروسيته النادرة أنه حر وفرض نفسه بسيفه كفارس وشاعر قل مثاله .

فتي عبس الأسود عنترة بن شداد الذي نشأعبداً لشداد والده الذي كان يخضع لتقاليد القبيلة حيث تجعل أبناء الإماء عبيداً لا أولاد .

ولكن عنترة بن شداد بما أوتي من قوة نفس وجسد وسداد رأي ومرؤة وفروسية لا تضاهي فرص نفسه بالقوة في مجتمع ظلام لا يرحم ولا يحترم إلا الأقوياء.

والشعر يشهد لعنترة بصحة نسبة فهو صاحب الحس المرهف والخيال المتقد الذي ساعده أن يبدع أحلي القصائد .

فهذا العربي المثال أو لنقل النموذج الطيب للفارس العربي الكريم والشاعرأيضاً.

لم يشتهر عنترة بن شداد كفارس فقط بل بالتاكيد الذي خلده الشعر.

الشعر الرقيق الذي يدل علي ملكة عظيمة وسجية شاعرة ونفس لا تقبل الذل .

في هذه القصيدة هل غادر الشعراء من متردم يقدم عنترة المثال القوي علي قوة شاعريته وعظمة موهبته.


عنترة بن شداد بداية واستهلال


هَل غادَرَ الشُعَراءُ مِن مُتَرَدَّمِ


أَم هَل عَرَفتَ الدارَ بَعدَ تَوَهُّمِ


يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمي


وَعَمي صَباحاً دارعَبلَةَ وَاِسلَمي


فَوَقَفتُ فيها ناقَتي وَكَأَنَّه


فَدَنٌ لِأَقضِيَ حاجَةَ المُتَلَوِّمِ


وَتَحُلُّ عَبلَةُ بِالجَواءِ وَأَهلُنا


بِالحَزنِ فَالصَمّانِ فَالمُتَثَلَّمِ


حُيِّيتَ مِن طَلَلٍ تَقادَمَ عَهدُهُ


أَقوى وَأَقفَرَ بَعدَ أُمِّ الهَيثَمِ


حَلَّت بِأَرضِ الزائِرينَ فَأَصبَحَت


عَسِراً عَلَيَّ طِلابُكِ اِبنَةَ مَخرَمِ


عُلِّقتُها عَرَضاً وَأَقتُلُ قَومَها


زَعماً لَعَمرُ أَبيكَ لَيسَ بِمَزعَمِ


وَلَقَد نَزَلتِ فَلا تَظُنّي غَيرَهُ


مِنّي بِمَنزِلَةِ المُحَبِّ المُكرَمِ


كَيفَ المَزارُ وَقَد تَرَبَّعَ أَهلُه


بِعُنَيزَتَينِ وَأَهلُنا بِالغَيلَمِ


إِن كُنتِ أَزمَعتِ الفِراقَ فَإِنَّما


زُمَّت رِكابُكُمُ بِلَيلٍ مُظلِمِ


ما راعَني إِلّا حَمولَةُ أَهلِها


وَسطَ الدِيارِ تَسَفُّ حَبَّ الخِمخِمِ


فيها اِثنَتانِ وَأَربَعونَ حَلوبَةً


سوداًء كَخافِيَةِ الغُرابِ الأَسحَمِ


إِذ تَستَبيكَ بِذي غُروبٍ واضِحٍ


عَذبٍ مُقَبَّلُهُ لَذيذِ المَطعَمِ


وَكَأَنَّ فارَةَ تاجِرٍ بِقَسيمَةٍ


سَبَقَت عَوارِضَها إِلَيكَ مِنَ الفَمِ


أَو رَوضَةً أُنُفاً تَضَمَّنَ نَبتَها 


غَيثٌ قَليلُ الدِمنِ لَيسَ بِمَعلَمِ


جادَت عَليهِ كُلُّ بِكرٍ حُرَّةٍ


فَتَرَكنَ كُلَّ قَرارَةٍ كَالدِرهَمِ


سَحّاً وَتَسكاباً فَكُلَّ عَشِيَّةٍ


يَجري عَلَيها الماءُ لَم يَتَصَرَّمِ


وَخَلا الذُبابُ بِها فَلَيسَ بِبارِحٍ


غَرِداً كَفِعلِ الشارِبِ المُتَرَنِّمِ


هَزِجاً يَحُكُّ ذِراعَهُ بِذِراعِهِ


قَدحَ المُكِبِّ عَلى الزِنادِ الأَجذَمِ



حال عنترة بن شداد وحال حبيبته




تُمسي وَتُصبِحُ فَوقَ ظَهرِ حَشِيَّةٍ


وَأَبيتُ فَوقَ سَراةِ أَدهَمَ مُلجَمِ


وَحَشِيَّتي سَرجٌ عَلى عَبلِ الشَوى


نَهدٍ مَراكِلُهُ نَبيلِ المَحزِمِ


هَل تُبلِغَنّي دارَها شَدَنِيَّةٌ


لُعِنَت بِمَحرومِ الشَرابِ مُصَرَّمِ


خَطّارَةٌ غِبَّ السُرى زَيّافَةٌ


تَطِسُ الإِكامَ بِوَخذِ خُفٍّ ميثَمِ


وَكَأَنَّما أقص الإِكامَ عَشِيَّةً


بِقَريبِ بَينَ المَنسِمَينِ مُصَلَّمِ


تَأوي لَهُ قُلُصُ النَعامِ كَما أَوَت


حِزَقٌ يَمانِيَةٌ لِأَعجَمَ طِمطِمِ


يَتبَعنَ قُلَّةَ رَأسِهِ وَكَأَنَّهُ


حِدجٌ عَلى نَعشٍ لَهُنَّ مُخَيَّمِ


صَعلٍ يَعودُ بِذي العُشَيرَةِ بَيضَهُ


كَالعَبدِ ذي الفَروِ الطَويلِ الأَصلَمِ


شَرِبَت بِماءِ الدُحرُضَينِ فَأَصبَحَت


زَوراءَ تَنفِرُ عَن حِياضِ الدَيلَمِ


وَكَأَنَّما تَنأى بِجانِبِ دَفَّها الوحشي


 مِن هَزِجِ العَشِيِّ مُؤَوَّمِ


هِرٍ جَنيبٍ كُلَّما عَطَفَت لَهُ


غَضَبى اِتَّقاها بِاليَدَينِ وَبِالفَمِ


بَرَكَت عَلى جَنبِ الرِداعِ كَأَنَّم


بَرَكَت عَلى قَصَبٍ أَجَشَّ مُهَضَّمِ


وَكأَنَّ رُبّاً أَو كُحَيلاً مُعقَد


حَشَّ الوَقودُ بِهِ جَوانِبَ قُمقُمِ


يَنباعُ مِن ذِفرى غَضوبٍ جَسرَةٍ


زَيّافَةٍ مِثلَ الفَنيقِ المُكدَمِ


إِن تُغدِفي دوني القِناعَ فَإِنَّني


طَبٌّ بِأَخذِ الفارِسِ المُستَلئِمِ


عنترة بن شداد يمدح نفسه


أَثني عَلَيَّ بِما عَلِمتِ فَإِنَّني


سَمحٌ مُخالَقَتي إِذا لَم أُظلَمِ


وَإِذا ظُلِمتُ فَإِنَّ ظُلمِيَ باسِلٌ


مُرٌّ مَذاقَتَهُ كَطَعمِ العَلقَمِ


وَلَقَد شَرِبتُ مِنَ المُدامَةِ بَعدَما


رَكَدَ الهَواجِرُ بِالمَشوفِ المُعلَمِ


بِزُجاجَةٍ صَفراءَ ذاتِ أَسِرَّةٍ


قُرِنَت بِأَزهَرَ في الشَمالِ مُفَدَّمِ


فَإِذا شَرِبتُ فَإِنَّني مُستَهلِكٌ


مالي وَعِرضي وافِرٌ لَم يُكلَمِ


وَإِذا صَحَوتُ فَما أُقَصِّرُ عَن نَدىً


وَكَما عَلِمتِ شَمائِلي وَتَكَرُّمي


وَحَليلِ غانِيَةٍ تَرَكتُ مُجَدَّل


تَمكو فَريصَتُهُ كَشَدقِ الأَعلَمِ


سَبَقَت يَدايَ لَهُ بِعاجِلِ طَعنَةٍ


وَرَشاشِ نافِذَةٍ كَلَونِ العَندَمِ


هَلّا سَأَلتِ الخَيلَ يا اِبنَةَ مالِكٍ


إِن كُنتِ جاهِلَةً بِما لَم تَعلَمي


إِذ لا أَزالُ عَلى رِحالَةِ سابِحٍ


نَهدٍ تَعاوَرُهُ الكُماةُ مُكَلَّمِ


طَوراً يُجَرَّدُ لِلطِعانِ وَتارَةً


يَأوي إِلى حَصدِ القَسِيِّ عَرَمرَمِ


يُخبِركِ مَن شَهِدَ الوَقيعَةَ أَنَّني


أَغشى الوَغى وَأَعِفُّ عِندَ المَغنَمِ


ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني 


وبيض الهند تقطر من دمي

 

فوددت تقبيل السيوف لأنها 


لمعت كبارق ثغرك المتبسم

 

وَمُدَجَّجٍ كَرِهَ الكُماةُ نِزالَهُ


لا مُمعِنٍ هَرَباً وَلا مُستَسلِمِ


جادَت لَهُ كَفّي بِعاجِلِ طَعنَةٍ


بِمُثَقَّفٍ صَدقِ الكُعوبِ مُقَوَّمِ


فَشَكَكتُ بِالرُمحِ الأَصَمِّ ثِيابَهُ


لَيسَ الكَريمُ عَلى القَنا بِمُحَرَّمِ


فَتَرَكتُهُ جَزَرَ السِباعِ يَنُشنَهُ


يَقضِمنَ حُسنَ بِنانِهِ وَالمِعصَمِ


وَمِشَكِّ سابِغَةٍ هَتَكتُ فُروجَها


بِالسَيفِ عَن حامي الحَقيقَةِ مُعلِمِ


رَبِذٍ يَداهُ بِالقِداحِ إِذا شَتا


هَتّاكِ غاياتِ التِجارِ مُلَوَّمِ


لَمّا رَآني قَد نَزَلتُ أُريدُهُ


أَبدى نَواجِذَهُ لِغَيرِ تَبَسُّمِ


فَطَعَنتُهُ بِالرُمحِ ثُمَّ عَلَوتُهُ


بِمُهَنَّدٍ صافي الحَديدَةِ مِخذَمِ


عَهدي بِهِ مَدَّ النَهارِ كَأَنَّما


خُضِبَ البَنانُ وَرَأسُهُ بِالعِظلِمِ


بَطَلٍ كَأَنَّ ثِيابَهُ في سَرحَةٍ


يُحذى نِعالَ السِبتِ لَيسَ بِتَوأَمِ


يا شاةَ ما قَنَصٍ لِمَن حَلَّت لَهُ


حَرُمَت عَلَيَّ وَلَيتَها لَم تَحرُمِ


فَبَعَثتُ جارِيَتي فَقُلتُ لَها اِذهَبي


فَتَجَسَّسي أَخبارَها لِيَ وَاِعلَمي


قالَت رَأَيتُ مِنَ الأَعادي غِرَّةً


وَالشاةُ مُمكِنَةٌ لِمَن هُوَ مُرتَمِ


وَكَأَنَّما اِلتَفَتَت بِجيدِ جَدايَةٍ


رَشإٍ مِنَ الغِزلانِ حُرٍّ أَرثَمِ


نِبِّئتُ عَمرواً غَيرَ شاكِرِ نِعمَتي


وَالكُفرُ مَخبَثَةٌ لَنَفسِ المُنعِمِ


وَلَقَد حَفِظتُ وَصاةَ عَمّي بِالضُحى


إِذ تَقلِصُ الشَفَتانِ عَن وَضَحِ الفَمِ


في حَومَةِ الحَربِ الَّتي لا تَشتَكي


غَمَراتِها الأَبطالُ غَيرَ تَغَمغُمِ


إِذ يَتَّقونَ بِيَ الأَسِنَّةَ لَم أَخِم


عَنها وَلَكِنّي تَضايَقَ مُقدَمي


عنترة بن شداد يصف المعركة


ولقد هممت بغارة في ليلة


سوداء حالكة كلون الأدلم

 

لما سمعت نداء مرة قد علا


وابني ربيعة في الغبار الأقتم


ومحلم يسعون تحت لوائهم


والموت تحت لواء آل محلم


أيقنت أن سيكون عند لقائهم


ضرب يطير عن الفراخ الجثم


لَمّا رَأَيتُ القَومَ أَقبَلَ جَمعُهُم


يَتَذامَرونَ كَرَرتُ غَيرَ مُذَمَّمِ


يَدعونَ عَنتَرَ وَالرِماحُ كَأَنَّها


أَشطانُ بِئرٍ في لَبانِ الأَدهَمِ


ما زِلتُ أَرميهِم بِثُغرَةِ نَحرِهِ


وَلَبانِهِ حَتّى تَسَربَلَ بِالدَمِ


فَاِزوَرَّ مِن وَقعِ القَنا بِلَبانِهِ


وَشَكا إِلَيَّ بِعَبرَةٍ وَتَحَمحُمِ


لَو كانَ يَدري ما المُحاوَرَةُ اِشتَكى


وَلَكانَ لَو عَلِمَ الكَلامَ مُكَلِّمي


وَلَقَد شَفى نَفسي وَأَذهَبَ سُقمَها


قيلُ الفَوارِسِ وَيكَ عَنتَرَ أَقدِمِ


وَالخَيلُ تَقتَحِمُ الغبارَ عَوابِسا


مِن بَينِ شَيظَمَةٍ وَأجرد شَيظَمِ


ذُلُلٌ رِكابي حَيثُ شِئتُ مُشايِعي


لُبّي وَأَحفِزُهُ بِأَمرٍ مُبرَمِ


عنترة بن شداد ينادي الحبيبة


إني عداني أن أزورك فاعلمي


ما قد علمت وبعض مالم تعلمي


حالت رماح ابني بغيض دونكم 


وزوت جواني الحرب من لم يجرم

 

وَلَقَد خَشيتُ بِأَن أَموتَ وَلَم تَدُر


لِلحَربِ دائِرَةٌ عَلى اِبنَي ضَمضَمِ


الشاتِمَي عِرضي وَلَم أَشتِمهُما


وَالناذِرَينِ إِذا لقيتهما  دَمي


إِن يَفعَلا فَلَقَد تَرَكتُ أَباهُما


جَزَرَ السِباعِ وَكُلِّ نَسرٍ قَشعَمِ




من البحر الكامل 




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-