قِف بِالدِيارِ وَصِح إِلى بَيداها-عنترة بن شداد
عنترة بن شداد فارس العرب الأول وشاعرها الفذ واحد رموزالحياة البدوية وما فيها من نقائض.
عنترة بن شدادالذي لم تذكر كتب التاريخ من هو أشد منه قوة وبأس وكذلك شجاعة ونبل ولولا أن رسول الله أخبرعنه أنه بئس أخا العشيرة لأحببته .
عنترة بن شداد رجل الصدق ينطق من مفرداته وإشاراته فأنت لاتكذب حرفاً مما يقول.
فحين يخبر أنه لا يخاف فهو حقاً لا يخاف وحين يذكر بأسه وقوته فهو قوي تهابه الاسود وتكره ملاقاته الأبطال.
وحين يذكر عنتر بن شداد عبلة وحبه لها فهو العاشق العذري النبيل لاتري في مشاعره ولا حديثة غير الحب الخالص والود الصافي لا يتفحش ولا يتبذل.
وحين يذكر مأساته ونكران أهله له فأنت تشفق علي هذا الفاتك كأنه طفل صغير مضيع أهله .
أما هنا في هذه القصيدة الجميلة قِف بِالدِيارِ وَصِح إِلى بَيداها بسيطة التراكيب والمعاني فأنت مع عنترة بن شداد في وصف تفصيلي لمعركة يخوضها بذهن صاف وقلب حاضر وشمل مجتمع لا يخشي الفرسان ولا يخشي الموت نفسه إنه حقا لا يخاف
قِف بِالدِيارِ وَصِح إِلى بَيداها
فَعَسى الدِيارُ تُجيبُ مَن ناداها
دارٌ يَفوحُ المِسكُ مِن عَرَصاتِها
وَالعودُ وَالنَدُّ الذَكِيُّ جَناها
دارٌ لِعَبلَةَ شَطَّ عَنكَ مَزارُه
وَنَأَت لَعَمري ما أَراكَ تَراها
ما بالُ عَينِكَ لا تَمُلُّ مِنَ البُكا
رَمَدٌ بِعَينِكَ أَم جَفاكَ كَراها
يا صاحِبي قِف بِالمَطايا ساعَةً
في دارِ عَبلَةَ سائِلاً مَغناها
أَم كَيفَ تَسأَلُ دِمنَةً عادِيَّةً
سَفَتِ الجُنوبِ دِمانَها وَثَراها
يا عَبلَ قَد هامَ الفُؤادُ بِذِكرِكُم
وَأَرى دُيوني ما يَحُلُّ قَضاها
يا عَبلَ إِن تَبكي عَلَيَّ بِحُرقَةٍ
فَلَطالَما بَكَتِ الرِجالَ نِساها
يا عَبلَ إِنّي في الكَريهَةِ ضَيغَمٌ
شَرِسٌ إِذا ما الطَعنُ شَقَّ جِباها
وَدَنَت كِباشٌ مِن كِباشٍ تَصطَلي
نارَ الكَريهَةِ أَو تَخوضُ لَظاها
وَدَنا الشُجاعُ مِنَ الشُجاعِ وَأُشرِعَت
سُمرُ الرِماحِ عَلى اِختِلافِ قَناها
فَهُناكَ أَطعَنُ في الوَغى فُرسانَها
طَعناً يَشُقُّ قُلوبَها وَكُلاها
وَسَلي الفَوارِسَ يُخبِروكِ بِهِمَّتي
وَمَواقِفي في الحَربِ حينَ أَطاها
وَأَزيدُها مِن نارِ حَربي شُعلَةً
وَأُثيرُها حَتّى تَدورَ رَحاها
وَأَكُرُّ فيهِم في لَهيبِ شُعاعِها
وَأَكونُ أَوَّلَ واقِدٍ بِصَلاها
وَأَكونُ أَوَّلَ ضارِبٍ بِمُهَنَّدٍ
يَفري الجَماجِمَ لا يُريدُ سِواها
وَأَكونُ أَوَّلَ فارِسٍ يَغشى الوَغى
فَأَقودُ أَوَّلَ فارِسٍ يَغشاها
وَالخَيلُ تَعلَمُ وَالفَوارِسُ أَنَّني
شَيخُ الحُروبِ وَكَهلُها وَفَتاها
يا عَبلَ كَم مِن فارِسٍ خَلَّيتَهُ
في وَسطِ رابِيَةٍ يَعُدُّ حَصاها
يا عَبلَ كَم مِن حُرَّةٍ خَلَّيتُها
تَبكي وَتَنعى بَعلَها وَأَخاها
يا عَبلَ كَم مِن مُهرَةٍ غادَرتُها
مِن بَعدِ صاحِبِها تَجُرُّ خُطاها
يا عَبلَ لَو أَنّي لَقيتُ كَتيبَةً
سَبعينَ أَلفاً ما رَهِبتُ لِقاها
وَأَنا المَنِيَّةُ وَاِبنُ كُلِّ مَنِيَّةٍ
وَسَوادُ جِلدي ثَوبُها وَرِداها
شعر