يا دارَ مَيَّةَ بِالعَلياءِ فَالسَنَدِ كاملة مكتوبة مسموعة


يا دارَ مَيَّةَ بِالعَلياءِ فَالسَنَدِ كاملة مكتوبة مسموعة






النابغة الذبياني والمعلقة


















  1. اختلف رواة الأدب ونقاده حول أهمية النابغةالذبياني وشعره في الجاهلية وهل هو من أصحاب المعلقات أم لا؟
  2.  قدم التبريزي في كتابه شرح المعلقات القصائد السبع ثم أضاف إليها النابغة الذبياني والأعشى وعبيد بن الأبرص.
  3.  قدم الزوزني في كتابه شرح المعلقات القصائد السبع ولم يذكر بينها قصيدة النابغة التي وسمت بالمعلقة.
  4.  أما الخطابي فقد ذكر في كتابه شرح المعلقات السبع ولم يذكر ضمنها النابغة الذبياني.وذكر المعلقات وذكر من بين الشعراء النابغة لكنه قدم لنا قصيدة ليست بالمعلقة وإنما وضع:

عوجوا فحيوا لنعم دمنة الدار 


 ماذا تحيون من نؤي وأحجار


وعدد أبياتها ستون.

هـ- قدم لنا الهاشمي في كتابه جواهر الأدب المعلقات وأورد لنا قصيدة "عوجوا فحيوا دمنة الدار" وعدد أبياتها ستون بيتا.

و تأرجح بقية نقلة الأدب بين هذين الرأيين إما في نقل القصيدة الرائية أو القصيدة الدالية غير أن النابغة يبقى بين من يقولون بوجود المعلقة وبين من ينفي قصائده من المعلقات، وبين من يقول برائيته معلقة ومن يقول بالدالية.

والأغلب هم الذين نفوه من شعراء المعلقات سواء كان النحاس أو ابن الأنباري أو التبريزي أو الزوزني بينما لم يختلف النقاد في شأن الشعراء الآخرين أو في قصائدهم. ولو درسنا هاتين القصيدتين لنرى أية قصيدة أحق أن تدخل في عداد هذه القصائد المطولة لوجدنا: أ- أغلب الرواة الذين نقلوا معلقة النابغة قالوا بالدالية سواء ما نقله التبريزي أو الأعلم الشنتمري أو النحاس أو ابن الأنباري.

ولو درسنا هذه القصيدة لرأينا أنها تختلف عن منهاج القصائد المطولة ولو كانت هذه القصيدة طويلة لكنها تختلف في فنها عن القصائد الأخرى التي اعتبروها معلقات فهذه القصيدة تبدأ بالوقوف على الأطلال ثم وصف ناقته ثم الموضوع وهو الاعتذار.

أما الرائية فقد بدأها بالوقوف على الأطلال، ثم الغزل ومن ثم وصف الطريق ومن ثم وصف ناقته ثم المديح والاعتذار.

وبهذا تبقى الرائية أتم في فنونها وأقرب إلى المطولات من الدالية ولكن الإجماع شبه منعقد على الدالية وطالما أوردت المخطوطة الدالية ولهذا سأناقشها على أساس أنها المعلقة وسأسقط من مراجعي المراجع التي ناقشت الرائية كجواهر الأدب وجمهرة أشعار العرب في معلقة النابغة.

وقال النابغة الذبياني ويكنى أبا ثمامة، وأبا أمامة زياد بن معاوية ويقال زناد بن عمرو بن معاوية بن خباب بن جابر بن يربوع بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن الريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان:



يا دارَ مَيَّةَ بِالعَلياءِ فَالسَنَدِ


أَقوَت وَطالَ عَلَيها سالِفُ الأَبَدِ


وَقَفتُ فيها أُصَيلاناً أُسائِلُها


عَيَّت جَواباً وَما بِالرَبعِ مِن أَحَدِ


إِلّا الأَوارِيَّ لَأياً ما أُبَيِّنُها


وَالنُؤيَ كَالحَوضِ بِالمَظلومَةِ الجَلَدِ


رَدَّت عَلَيهِ أَقاصيهِ وَلَبَّدَهُ


ضَربُ الوَليدَةِ بِالمِسحاةِ في الثَأَدِ


خَلَّت سَبيلَ أَتِيٍّ كانَ يَحبِسُهُ


وَرَفَّعَتهُ إِلى السَجفَينِ فَالنَضَدِ


أَمسَت خَلاءً وَأَمسى أَهلُها اِحتَمَلوا


أَخنى عَلَيها الَّذي أَخنى عَلى لُبَدِ


فَعَدِّ عَمّا تَرى إِذ لا اِرتِجاعَ لَهُ


وَاِنمِ القُتودَ عَلى عَيرانَةٍ أُجُدِ


مَقذوفَةٍ بِدَخيسِ النَحضِ بازِلُها


لَهُ صَريفٌ صَريفُ القَعوِ بِالمَسَدِ


كَأَنَّ رَحلي وَقَد زالَ النَهارُ بِنا


يَومَ الجَليلِ عَلى مُستَأنِسٍ وَحِدِ


مِن وَحشِ وَجرَةَ مَوشِيٍّ أَكارِعُهُ


طاوي المُصَيرِ كَسَيفِ الصَيقَلِ الفَرَدِ


سَرَت عَلَيهِ مِنَ الجَوزاءِ سارِيَةٌ


تُزجي الشَمالُ عَلَيهِ جامِدَ البَرَدِ


فَاِرتاعَ مِن صَوتِ كَلّابٍ فَباتَ لَهُ


طَوعَ الشَوامِتِ مِن خَوفٍ وَمِن صَرَدِ


فَبَثَّهُنَّ عَلَيهِ وَاِستَمَرَّ بِهِ


صُمعُ الكُعوبِ بَريئاتٌ مِنَ الحَرَدِ


وَكانَ ضُمرانُ مِنهُ حَيثُ يوزِعُهُ


طَعنَ المُعارِكِ عِندَ المُحجَرِ النَجُدِ


شَكَّ الفَريصَةَ بِالمِدرى فَأَنقَذَها


طَعنَ المُبَيطِرِ إِذ يَشفي مِنَ العَضَدِ


كَأَنَّهُ خارِجاً مِن جَنبِ صَفحَتِهِ


سَفّودُ شَربٍ نَسوهُ عِندَ مُفتَأَدِ


فَظَلَّ يَعجُمُ أَعلى الرَوقِ مُنقَبِضاً


في حالِكِ اللَونِ صَدقٍ غَيرِ ذي أَوَدِ


لَمّا رَأى واشِقٌ إِقعاصَ صاحِبِهِ


وَلا سَبيلَ إِلى عَقلٍ وَلا قَوَدِ


قالَت لَهُ النَفسُ إِنّي لا أَرى طَمَعاً


وَإِنَّ مَولاكَ لَم يَسلَم وَلَم يَصِدِ


فَتِلكَ تُبلِغُني النُعمانَ إِنَّ لَهُ


فَضلاً عَلى الناسِ في الأَدنى وَفي البَعَدِ


وَلا أَرى فاعِلاً في الناسِ يُشبِهُهُ


وَلا أُحاشي مِنَ الأَقوامِ مِن أَحَدِ


إِلّا سُلَيمانُ إِذ قالَ الإِلَهُ لَهُ


قُم في البَرِيَّةِ فَاِحدُدها عَنِ الفَنَدِ


وخيّسِ الجِنَّ إِنّي قَد أَذِنتُ لَهُم


يَبنونَ تَدمُرَ بِالصُفّاحِ وَالعَمَدِ


فَمَن أَطاعَكَ فَاِنفَعهُ بِطاعَتِهِ


كَما أَطاعَكَ وَاِدلُلهُ عَلى الرَشَدِ


وَمَن عَصاكَ فَعاقِبهُ مُعاقَبَةً


تَنهى الظَلومَ وَلا تَقعُد عَلى ضَمَدِ


إِلّا لِمِثلِكَ أَو مَن أَنتَ سابِقُهُ


سَبقَ الجَوادَ إِذا اِستَولى عَلى الأَمَدِ


أَعطى لِفارِهَةٍ حُلوٍ تَوابِعُها


مِنَ المَواهِبِ لا تُعطى عَلى نَكَدِ


الواهِبُ المِئَةَ المَعكاءَ زَيَّنَها


سَعدانُ توضِحَ في أَوبارِها اللِبَدِ


وَالأُدمَ قَد خُيِّسَت فُتلاً مَرافِقُها


مَشدودَةً بِرِحالِ الحيرَةِ الجُدُدِ


وَالراكِضاتِ ذُيولَ الرَيطِ فانَقَها


بَردُ الهَواجِرِ كَالغِزلانِ بِالجَرَدِ


وَالخَيلَ تَمزَعُ غَرباً في أَعِنَّتِها


كَالطَيرِ تَنجو مِنَ الشُؤبوبِ ذي البَرَدِ


اِحكُم كَحُكمِ فَتاةِ الحَيِّ إِذ نَظَرَت


إِلى حَمامِ شِراعٍ وارِدِ الثَمَدِ


يَحُفُّهُ جانِبا نيقٍ وَتُتبِعُهُ


مِثلَ الزُجاجَةِ لَم تُكحَل مِنَ الرَمَدِ


قالَت أَلا لَيتَما هَذا الحَمامُ لَنا


إِلى حَمامَتِنا وَنِصفُهُ فَقَدِ


فَحَسَّبوهُ فَأَلفَوهُ كَما حَسَبَت


تِسعاً وَتِسعينَ لَم تَنقُص وَلَم تَزِدِ


فَكَمَّلَت مِئَةً فيها حَمامَتُها


وَأَسرَعَت حِسبَةً في ذَلِكَ العَدَدِ


فَلا لَعَمرُ الَّذي مَسَّحتُ كَعبَتَهُ


وَما هُريقَ عَلى الأَنصابِ مِن جَسَدِ


وَالمُؤمِنِ العائِذاتِ الطَيرِ تَمسَحُها


رُكبانُ مَكَّةَ بَينَ الغَيلِ وَالسَعَدِ


ما قُلتُ مِن سَيِّئٍ مِمّا أَتَيتَ بِهِ


إِذاً فَلا رَفَعَت سَوطي إِلَيَّ يَدي


إِلّا مَقالَةَ أَقوامٍ شَقيتُ بِها


كانَت مَقالَتُهُم قَرعاً عَلى الكَبِدِ


إِذاً فَعاقَبَني رَبّي مُعاقَبَةً


قَرَّت بِها عَينُ مَن يَأتيكَ بِالفَنَدِ


أُنبِئتُ أَنَّ أَبا قابوسَ أَوعَدَني


وَلا قَرارَ عَلى زَأرٍ مِنَ الأَسَدِ


مَهلاً فِداءٌ لَكَ الأَقوامُ كُلُّهُمُ


وَما أُثَمَّرُ مِن مالٍ وَمِن وَلَدِ


لا تَقذِفَنّي بِرُكنٍ لا كِفاءَ لَهُ


وَإِن تَأَثَّفَكَ الأَعداءُ بِالرِفَدِ


فَما الفُراتُ إِذا هَبَّ الرِياحُ لَهُ


تَرمي أَواذِيُّهُ العِبرَينِ بِالزَبَدِ


يَمُدُّهُ كُلُّ وادٍ مُترَعٍ لَجِبٍ


فيهِ رِكامٌ مِنَ اليَنبوتِ وَالخَضَدِ


يَظَلُ مِن خَوفِهِ المَلّاحُ مُعتَصِماً


بِالخَيزُرانَةِ بَعدَ الأَينِ وَالنَجَدِ


يَوماً بِأَجوَدَ مِنهُ سَيبَ نافِلَةٍ


وَلا يَحولُ عَطاءُ اليَومِ دونَ غَدِ


هَذا الثَناءُ فَإِن تَسمَع بِهِ حَسَناً


فَلَم أُعَرِّض أَبَيتَ اللَعنَ بِالصَفَدِ


ها إِنَّ ذي عِذرَةٌ إِلّا تَكُن نَفَعَت


فَإِنَّ صاحِبَها مُشارِكُ النَكَدِ



المصادر 

شرح المعلقات التسع 

لأبي عمرو الشيباني
تعليقات